ولكن كيف يمكن التمييز بين ما يعد من أصول الدين وما يعد من فروعه في الخيرية أو العملية؟.
وضح شيخ الإسلام فيما يمكن أن يعد قاعدة في هذا المجال فقال:(.. بل الحق أن الجليل من كل واحد من الصنفين (مسائل أصول) والدقيق (مسائل فروع) .
وكما أن المسائل العلمية والعملية تشترك في هذه القاعدة فهي تشترك في أحكام وأمور أخرى تتعلق بهما منها:
أن كل واحدة منهما تنقسم إلى قطعي وظني, وأن الخلاف التنوعي والمتضاد يقع فيهما, وأن الاجتهاد والخطأ فيه يسوغ ويحصل فيهما, وأن مراتب العلم والعمل متفاوتة في كل منهما, وكذلك مراتب الحكم على المبتدع أو التارك أو الجاحد تختلف في كل منهما باختلاف مرتبة الذي وقعت فيه المخالفة, أما حصر البدع في الجوانب العلمية الاعتقادية فهذا غير صحيح أيضاً لكونه محالفاً لعموم أحاديث النهي عن البدع, كقوله-صلى الله عليه وسلم-: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) .
وقد استدل الطرطوشي على أن البدع لا تختص بالعقائد, بما جاء عن الصحابة والتابعين من تسميتهم الأقوال والأفعال بدعاً إذا خالفت الشريعة, ثم أتى بشواهد من الآثار تدل على ذلك.
ولعل هذا الحصر أهون من الحصر الذي يقول أصحابه: إن الفرق المذكورة في حديث الثلاث والسبعين هي المبتدعة في قواعد العقائد على الخصوص كالجبرية والجهمية والمرجئة وما يشبهها.