وقد ناقش الشاطبي هذا الزعم وفنده بما سيأتي مجملاً:
١. قوله تعالى:(فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه) .
الآية (ما) في قوله (ما تشابه) لا تعطي خصوصاً في اتباع المتشابه لا في قواعد العقائد ولا في غيرها, بل الصيغة تشمل كل ذلك فالتخصيص تحكم.
٢. قوله تعالى:(إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً) الآية, كذلك ليس فيها تخصيص, لأنه جعل التفريق في الدين, ولفظ الدين يشمل العقائد وغيرها.
٣. قوله تعالى:(وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله...) .
فالصراط المستقيم هو الشريعة على العموم, والسبل كل ما خالف هذه الشريعة في العقائد والأعمال.
٤. من المعلوم أن هذه الفرق الهالكة إنما تصير فرقاً بخلافها للفرقة الناجية, في معنى كلي في الدين أو قاعدة من قواعده, أو أصل من أصوله, وقد سبق بيان أن أصول الدين تشمل المسائل العلمية والمسائل الاعتقادية.. أما الجزئي والفرعي من الدين فالابتداع فيها لا يصير صاحبه من الفرق. ولكن يجري مجرى القاعدة الكلية كثرة الجزئيات, فإن المبتدع إذا أكثر من إنشاء الفروع المخترعة, عاد ذلك على كثير من الشريعة بالمعارضة كما تصير القاعدة الكلية معارضة أيضاً) .
هذا ما يتعلق بالشبه التي سبق ذكرها, وهذا الكلام السابق يدور في معظمه على علاقة العقائد بالأعمال, في سياق ذكر المراد بالبدع الاعتقادية.