والمسائل الاعتقادية تنقسم إلى: أصول وفروع, وقطعي وظني- كما سبق الإشارة إليه- فالأصول كل جليل من الخبريات مثل: وجود لله وألوهيته واتصافه بالصفات الواردة في كتابه وسنة رسوله-صلى الله عليه وسلم- ووجود الملائكة, والجن, والبعث, والحشر, والصراط, والميزان, والجنة, والنار, ونحو ذلك من القضايا الظاهرة.
والفروع كل دقيق من الخبريات مثل: رؤية النبي-صلى الله عليه وسلم- لربه سبحانه, وسماع الموتى في قبورهم لكلام الأحياء, ورؤية الكفار لربهم يوم القيامة ووصول ثواب الأعمال-غير الدعاء- للميت بعد موته والتوسل بذات النبي -صلى الله عليه وسلم- ونحو ذلك..
والقطعي ما كان ثبوته بأدلة قاطعة, كعلو-الله سبحانه- واستوائه على عرشه, وتكلمه بالقرآن, واتصافه بالصفات الذاتية, كالحياة والسمع والبصر أو بالصفات الفعلية كالاستواء, والنزول, والمجيء والكلام.
والظني ما كان مختلفاً في ثبوته, أو في فهم الثابت من الأدلة, وسبق أمثلة هذا القسم عند الكلام عن فروع الاعتقاد.
ويقع الابتداع في كل قسم من هذه الأقسام, وهو في الأصول والقطعيات خطير, ومتفاوت بحسب تفاوت ما وقع فيه الابتداع, وبحسب تفاوت البدعة ذاتها...
فالابتداع في الألوهية أشنع من الابتداع في الملائكة ومثال ذلك:
بدع القرامطة والنصيرية في أئمتهم, إذ ألهوهم من دون الله-سبحانه وتعالى- وبدعة من زعم أن الملائكة غير عقلاء, فالبدعة الأولى أشنع وأشر من الثانية. أما التفاوت بين البدع بحسب تفاوت البدعة ذاتها فمثاله بدعة الجهمية الذين نفوا عن الله-سبحانه- الصفات, فشبهوه بالممتنعات, وبدعة الأشاعرة الذين لم ينكروا الصفات ولكن أولوها, فالأولى أفظع وأخطر من الثانية, وإن كان محل الابتداع واحد.