أما الفرعيات والظنيات فأمرها أهون, والاختلاف فيها غالباً ما يكون من الإختلاف الاعتباري التنوعي السائغ, ولهذا حدود وضوابط تأتي في الباب الثالث بإذن الله.
ويقع فيها الابتداع ما لم تكن المسألة من مسائل الاجتهاد.
قال شيخ الإسلام في هذا المعنى:(وأما السالمية فهم والحنبلية كالشيء الواحد, إلا في مواضع مخصوصة تجري مجرى اختلاف الحنابلة فيما بينهم وفيهم تصوف, ومن بدع من أصحابنا هؤلاء يبدع أيضاً التسمي بالحنبلية وغير ذلك...
ولا يرى أ، يتسمى أحد في الأصول إلى بالكتاب والسنة وهذه طريقة جيدة لكن هذا مما يسوغ فيه الاجتهاد, فإن مسائل الدق في الأصول لا يكاد يتفق عليها طائفة, إذ لو كان كذلك لما تنازع في بعضها السلف من الصحابة والتابعين...) .
فقد اعتبر المسائل الدقيقة في الأصول مما يسوغ فيه الاجتهاد, فلا يقع فيه التبديع, فكيف بالدقيق من مسائل الفروع التي هي في أصلها بالنسبة للأصول دقيقة, كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد الكلام السابق:(بل الحق أن الجليل من كل واحد من الصنفين (يقصد الخبرية والعملية كما سبق) مسائل أصول والدقيق مسائل فروع) .
وبعد أن فصل -رحمه الله- مراتب المسائل الخبرية التي هي الاعتقادية وبين أنها تنقسم إلى قطعي وظني, ثم بين أقسامها من حيث وجوب العلم بها وعدمه فقال:
(ومما يتصل بذلك: أن المسائل الخبرية العلمية قد تكون واجبة الاعتقاد وقد تجب في حال دون حال وعلى قوم دون قوم, وقد تكون مستحبة غير