حيث قال رحمه الله:(ونحكم بالإجماع ثم بالقياس، وهو أضعف من هذا ولكنها منزلة ضرورة؛ لأنه لا يحل القياس والخبر موجود، كما يكون التيمم طهارة في السفر عند الإعواز من الماء، ولا يكون طهارة إذا وجد الماء، فإنما يكون طهارة في الإعواز) .
وهذا المعنى الذي قرره الشافعي رحمه الله هو القول الوسط بين طرفي المغالاة في إنكار القياس أو اعتباره.
والمراد في هذا المقام بيان أن القول بعدم شمول نصوص الشريعة لأحكام المكلفين قول مبتدع، يحوي مفاسد عظيمة، وأخطاراً جسيمة، وفيه من التجني على الشريعة ما لا يتسع المجال لحصره هنا.
وقد أجاب شيخ الإسلام ابن تيمية عندما سئل عن صحة قول القائل: إن النصوص لا تفي بعشر معشار الشريعة فقال: (هذا القول قاله طائفة من أهل الكلام والرأي، كأبي المعالي وغيره وهو خطأ، بل الصواب الذي عليه الجمهور وأئمة المسلمين: أن النصوص وافيه بجمهور أحكام أفعال العباد ومنهم من يقول: إنها وافية بجميع ذلك، وإنما أنكر ذلك من أنكره لأنه لم يفهم معاني النصوص العامة التي هي أقوال الله ورسوله، وشمولها لأحكام أفعال العباد، وذلك أن الله بعث محمد - صلى الله عليه وسلم - بجوامع الكلم، فيتكلم بالكلمة الجامعة العامة التي هي قضية كلية، وقاعدة عامة تتناول أنواعاً كثيرة، وتلك الأنواع تتناول