للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعياناً لا تحصى، فبهذا الوجه تكون محيطة بأحكام أفعال العباد) .

وقال الشاطبي رحمه الله في هذا المعنى:

(.. إن الله تعالى أنزل الشريعة على رسوله - صلى الله عليه وسلم - فيها تبيان كل شيء يحتاج إليه الخلق في تكاليفهم التي أمروا بها، وتعبداتهم التي طوقوها في أعناقهم، ولم يمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى كمل الدين بشهادة الله تعالى - إلى أن قال - فلا يقال: قد وجدنا من النوازل والوقائع المتجددة ما لم يكن في الكتاب ولا في السنة نص عليه ولا عموم ينتظمه - ثم قال - مبيناً معنى قوله تعالى: [اليوم أكملت لكم دينكم] ، المراد: كلياتها فلم يبق للدين قاعدة يحتاج إليها في الضروريات والحاجيات أو التكميليات إلا وقد بينت غاية البيان، ثم تحدث عن علاقة الجزئيات والنوازل بالكليات، وعمل المجتهد ثم استدل على أن الكليات هي المقصودة بكمال الدين فقال: ومن الدليل على أن هذا المعنى هو الذي فهمه الصحابة رضوان الله عليهم أنهم لم يسمع عنهم قط إيراد ذلك السؤال، ولا قال أحد منهم: لم لم ينص على حكم الجد مع الإخوة، وعلى حكم من قال لزوجته: أنت حرام، وأشباه ذلك، مما لم يجدوا فيه عن الشارع نصاً، بل قالوا فيها وحكموا بالاجتهاد، واعتبروا بمعان شريعة ترجع في التحصيل للكتاب والسنة، وإن لم يكن بالنص فإنه بالمعنى، فقد ظهر إذاً وجه كمال الدين على أتم الوجوه، - ثم انتقل إلى بيان أنه لا تناقض ولا اختلاف في نصوص الشرع وبعد إسهاب طويل في ذلك - قال: فإذا تقرر هذا فعلى الناظر في الشريعة بحسب هذه المقدمة أمران:

أحدهما: أن ينظر إليها بعين الكمال لا بعين النقص، ويعتبرها اعتباراً كلياً في العبادات والعادات، ولا يخرج عنها البتة، لأن الخروج عنها تيه وضلال، ورمي في عماية، كيف وقد ثبت كمالها وتمامها؟! ، فالزائد والمنقص في جهتها هو المبتدع بإطلاق والمنحرف عن الجادة إلى بنيات الطريق.

<<  <  ج: ص:  >  >>