فالقياس الفاسد هو ما سبق ذكره والحديث عنه، وهو الذي يتوجه إليه كلام السلف في ذمهم للقياس، وأنه ليس من الدين، والقياس الصحيح هو الميزان الذي أنزله الله مع كتابه، كما قال سبحانه:[لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط] .
وهذا القياس هو الموجود في كلام السلف واستعمالاتهم واستدلالاتهم.
وبهذا التقسيم يرتفع اللبس الذي قد يحدث لبادئ الرأي عندما ينظر لذم السلف للقياس، وتحذيرهم منه واستعمالهم له واستدلالهم به.
وقد نص شيخ الإسلام ابن تيمية على أن القياس الصحيح ينقسم إلى قسمين:
هما اللذان كان الصحابة والتابعون يستعملنهما، فقال رحمه الله: (والقياس الصحيح نوعان: أحدهما: أن يعلم أنه لا فارق بين الفرع والأصل إلا فرقاً غير مؤثر في الشرع، كما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصحيح أنه سئل عن فأرة وقعت في السمن، فقال:" ألقوها وما حولها وكلوا سمنكم ".
وقد أجمع المسلمون على أن هذا الحكم ليس مختصاً بتلك الفأرة وذلك السمن، فلهذا قال جماهير العلماء: أنه أي نجاسة وقعت في دهن من الأدهان كالفأرة التي تقع في الزيت، وكالهر الذي يقع في السمن، فحكمها حكم تلك الفأرة التي وقعت في السمن، ومن قال من أهل الظاهر: إن هذا الحكم لا يكون إلا في فأرة وقعت في سمن، فقد أخطأ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يخص الحكم