للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَمَاعَةٍ فَإِنْ صَلَّى النَّاسُ وُحْدَانًا جَازَ إِنَّمَا الِاسْتِسْقَاءُ الدُّعَاءُ وَالِاسْتِغْفَارُ ثُمَّ ذَكَرَ أَحَادِيثَ الِاسْتِسْقَاءِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الصَّلَاةِ ثُمَّ قَالَ وَأُجِيبُ عَنِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي فِيهَا الصَّلَاةُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهَا مَرَّةً وَتَرَكَهَا أخرى وهذا لَا يَدُلُّ عَلَى السُّنِّيَّةِ وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ انْتَهَى وَكَذَلِكَ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ

وَرَدَّهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى مُوَطَّأِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ حَيْثُ قَالَ وَأَمَّا مَا ذَكَرُوا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ مَرَّةً وَتَرَكَهُ أُخْرَى فَلَمْ يَكُنْ سُنَّةً فَلَيْسَ بِشَيْءٍ فَإِنَّهُ لَا يُنْكَرُ ثُبُوتُ كِلَيْهِمَا مَرَّةٌ هَذَا وَمَرَّةٌ هَذَا لَكِنْ يُعْلَمُ مِنْ تَتَبُّعِ الطُّرُقِ أَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ بِالنَّاسِ إِلَى الصَّحْرَاءِ صَلَّى فَتَكُونُ الصَّلَاةُ مَسْنُونَةً في هذه الحالة بلا ريب ودعاءه الْمُجَرَّدُ كَانَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ انْتَهَى كَلَامُهُ

وَقَالَ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الْوِقَايَةِ وَلَعَلَّ هَذِهِ الْأَخْبَارَ لَمْ تَبْلُغِ الْإِمَامَ وَإِلَّا لَمْ يُنْكِرِ اسْتِنَانُ الْجَمَاعَةِ انْتَهَى

قُلْتُ هَذَا هُوَ الظَّنُّ بِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

فَإِنْ قُلْتَ اسْتَدَلَّ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مدرارا قَالَ عَلَّقَ نُزُولَ الْغَيْثِ بِالِاسْتِغْفَارِ لَا بِالصَّلَاةِ فَكَانَ الْأَصْلُ فِيهِ هُوَ الِاسْتِغْفَارُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى هَذَا يَدُلُّ عَلَى سُنِّيَّةِ الصَّلَاةِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ

قُلْتُ قَوْلُهُ تَعَالَى هَذَا لَا يُنَافِي سُنِّيَّةَ الصَّلَاةِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَلَيْسَ فِيهِ نَفْيُهَا وَقَدْ ثَبَتَ بِأَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى مَعَ النَّاسِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ فَاسْتِدْلَالُهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ وَلِذَلِكَ خَالَفَهُ أَصْحَابُهُ الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ وَغَيْرُهُ (جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِيهِمَا) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَجْمَعُوا عَلَى اسْتِحْبَابِهِ وَكَذَا نَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْجَهْرِ بن بَطَّالٍ (وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ) كَيْفِيَّةُ تَحْوِيلِ الرِّدَاءِ أَنْ يَأْخُذَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى الطَّرَفَ الْأَسْفَلَ مِنْ جَانِبِ يَسَارِهِ وَبِيَدِهِ الْيُسْرَى الطَّرَفَ الْأَسْفَلَ أَيْضًا مِنْ جَانِبِ يَمِينِهِ وَيُقَلِّبَ يَدَيْهِ خَلْفَ ظَهْرِهِ بِحَيْثُ يَكُونُ الطَّرَفُ الْمَقْبُوضُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى كَتِفِهِ الْأَعْلَى مِنْ جَانِبِ الْيَمِينِ وَالطَّرَفُ الْمَقْبُوضُ بِيَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى كَتِفِهِ الْأَعْلَى مِنْ جَانِبِ الْيَسَارِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ انْقَلَبَ الْيَمِينُ يَسَارًا وَالْيَسَارُ يَمِينًا وَالْأَعْلَى أَسْفَلَ وَبِالْعَكْسِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ

وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَقَدْ وَقَعَ بَيَانُ الْمُرَادِ مِنْ ذَلِكَ فِي زِيَادَةِ سُفْيَانَ عَنِ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَلَفْظُهُ قَلَبَ رِدَاءَهُ جَعَلَ الْيَمِينَ عَلَى الشِّمَالِ وزاد فيه بن ماجه وبن خُزَيْمَةَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَالشِّمَالَ عَلَى الْيَمِينِ وَلَهُ شَاهِدٌ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ الزُّبَيْدِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبَّادٍ بِلَفْظِ فَجَعَلَ عِطَافَهُ الْأَيْمَنَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ وَعِطَافَهُ الْأَيْسَرَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيِّةَ عَنْ عَبَّادٍ اسْتَسْقَى وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ

<<  <  ج: ص:  >  >>