بأسفلها فيجعله أعلاها فلما ثقلت عليها قَلَبَهَا عَلَى عَاتِقِهِ
وَقَدِ اسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ فِعْلَ مَا هَمَّ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَنْكِيسِ الرِّدَاءِ مَعَ التَّحْوِيلِ الْمَوْصُوفِ
وَزَعَمَ الْقُرْطُبِيُّ كَغَيْرِهِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ اخْتَارَ في الجديد تنكيس الرداء لاتحويله وَاَلَّذِي فِي الْأُمِّ مَا ذَكَرْتُهُ
وَالْجُمْهُورُ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّحْوِيلِ فَقَطْ وَلَا رَيْبَ أَنَّ الَّذِي اسْتَحَبَّهُ الشَّافِعِيُّ أَحْوَطُ
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ لَا يُسْتَحَبُّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ
فَائِدَةٌ فِي بَيَانِ مَحَلِّ تَحْوِيلِ الرِّدَاءِ
فَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ حِينَ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ لِلدُّعَاءِ فَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى يَسْتَسْقِي وَأَنَّهُ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ وَفِي أُخْرَى لَهُ فَجَعَلَ إِلَى النَّاسِ ظَهْرَهُ يَدْعُو اللَّهَ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ خَرَجَ بِالنَّاسِ يَسْتَسْقِي لَهُمْ فَقَامَ فَدَعَا اللَّهَ قَائِمًا ثُمَّ تَوَجَّهَ قِبَلَ الْقِبْلَةِ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ عُرِفَ بِذَلِكَ أَنَّ التَّحْوِيلَ وَقَعَ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ عِنْدَ إِرَادَةِ الدُّعَاءِ
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مَحَلُّ هَذَا التَّحْوِيلِ بَعْدَ فَرَاغِ الْمَوْعِظَةِ وَإِرَادَةِ الدُّعَاءِ انْتَهَى
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ أَصْحَابُنَا يُحَوِّلُهُ فِي نَحْوِ ثُلُثِ الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ وَذَلِكَ حِينَ يَسْتَقْبِلُ القبلة انتهى
فائدة أخرى قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ اسْتَحَبَّ الْجُمْهُورُ أَنْ يُحَوِّلَ النَّاسُ بِتَحْوِيلِ الْإِمَامِ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ عَبَّادٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِلَفْظِ وَحَوَّلَ النَّاسُ مَعَهُ
وَقَالَ اللَّيْثُ وَأَبُو يوسف يحول الامام وحده فاستثنى بن الْمَاجِشُونِ النِّسَاءَ فَقَالَ لَا يُسْتَحَبُّ فِي حَقِّهِنَّ انْتَهَى
قُلْتُ فَالْقَوْلُ الظَّاهِرُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ هُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ
فَائِدَةٌ أُخْرَى اخْتُلِفَ فِي حِكْمَةِ هَذَا التَّحْوِيلِ فَجَزَمَ الْمُهَلَّبُ بِأَنَّهُ لِلتَّفَاؤُلِ بِتَحْوِيلِ الْحَالِ عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ
وَتَعَقَّبَهُ بن الْعَرَبِيِّ بِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْفَأْلِ أَنْ لَا يُقْصَدَ إِلَيْهِ قَالَ وَإِنَّمَا التَّحْوِيلُ أَمَارَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ قِيلَ لَهُ حَوِّلْ رِدَاءَكَ لِيَتَحَوَّلَ حَالُكَ
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الَّذِي جَزَمَ بِهِ يَحْتَاجُ إِلَى نَقْلٍ وَاَلَّذِي رَدَّهُ وَرَدَ فِيهِ حَدِيثٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ وَرَجَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ إِرْسَالَهُ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَهُوَ أَوْلَى مِنَ الْقَوْلِ بِالظَّنِّ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّمَا حَوَّلَ رِدَاءَهُ لِيَكُونَ أَثْبَتَ عَلَى عَاتِقِهِ عِنْدَ رَفْعِ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ فَلَا يَكُونُ سُنَّةً فِي كُلِّ حَالٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّحْوِيلَ مِنْ جِهَةٍ إِلَى جِهَةٍ لَا يَقْتَضِي الثبوت على العاتق فالجمل عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ أَوْلَى فَإِنَّ الِاتِّبَاعَ أَوْلَى من تركه