للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ) قَالَ الْحَافِظُ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ يَعْنِي صَاحِبَ الْهِدَايَةِ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ يَعْنِي بِحَدِيثِ لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ

عَلَى كَرَاهَةِ النِّكَاحِ الْمَشْرُوطِ بِهِ التَّحْلِيلُ وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ انْتَهَى

قُلْتُ لَا شَكَّ فِي أَنَّ مَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ هُوَ الظَّاهِرُ

ثُمَّ أَجَابَ الزَّيْلَعِيُّ فَقَالَ لَكِنْ يُقَالُ لَمَّا سَمَّاهُ مُحَلِّلًا دَلَّ عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ

لِأَنَّ الْمُحَلِّلَ هُوَ الْمُثْبِتُ لِلْحِلِّ فَلَوْ كَانَ فَاسِدًا لَمَا سَمَّاهُ مُحَلِّلًا انْتَهَى قُلْتُ سَمَّاهُ مُحَلِّلًا عَلَى حَسَبِ ظَنِّهِ فَإِنَّ مَنْ تَزَوَّجَ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا بِقَصْدِ الطَّلَاقِ أَوْ شَرْطِهِ ظَنَّ أَنَّ تَزَوُّجَهُ إِيَّاهَا وَوَطْأَهَا يُحِلُّهَا لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ

ولَيْسَ تَسْمِيَتُهُ مُحَلِّلًا عَلَى أَنَّهُ مُثْبِتٌ للحل في الواقع ويؤيده قول بن عُمَرَ كُنَّا نَعُدُّ هَذَا سِفَاحًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ كَمَا تَقَدَّمَ (وَسَمِعْتُ الْجَارُودَ يَذْكُرُ عَنْ وَكِيعٍ أَنَّهُ قَالَ بِهَذَا) أَيْ بِمَا قَالَ سُفْيَانُ وبن الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَقَالَ أَيْ وَكِيعٌ (يَنْبَغِي أَنْ يُرْمَى بِهَذَا الْبَابِ مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِ الرَّأْيِ) يَعْنِي أَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ

قَالَ أَبُو الطَّيِّبِ السِّنْدِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ

أَيْ يُطْرَحُ وَيُلْقَى مِنْ قَوْلِهِمْ مَا ذَكَرُوا فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ صِحَّةِ النِّكَاحِ وَإِنْ قَصَدَ الْإِحْلَالَ

وذَلِكَ لِأَنَّ اللَّعْنَ يَقْتَضِي النَّهْيَ عَنْ هَذَا الْفِعْلِ وَحُرْمَتَهُ وَالْحُرْمَةُ فِي بَابِ النِّكَاحِ يَقْتَضِي عَدَمَ الصِّحَّةِ

فَقَوْلُهُمْ بِالصِّحَّةِ مُخَالِفٌ لِلْحَدِيثِ فيكون مرميا مطروحا

قال أَجَابُوا عَنْهُ أَنَّ قَوْلَهُمْ لَيْسَ بِمُخَالِفٍ لِلْحَدِيثِ

لِأَنَّ اللَّعْنَ قَدْ يَكُونُ لِخِسَّةِ الْفِعْلِ وَهَتْكِ الْمُرُوءَةِ وتَسْمِيَتُهُ مُحَلِّلًا يَقْتَضِي صِحَّةَ الْعَقْدِ لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ التَّحْلِيلُ

ولَيْسَ فِي الْحَدِيثِ تَصْرِيحٌ بِعَدَمِ الشَّرْطِ أَوْ بِإِثْبَاتِهِ فَالتَّوفِيقُ بَيْنَهُمَا أَنْ يُحْمَلَ اللَّعْنُ عَلَى أَنَّهُ لِلْخِسَّةِ لَا لِلتَّحْرِيمِ لِئَلَّا يُعَارِضَ قَوْلَهُ مُحَلِّلًا فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى بُطْلَانِ النِّكَاحِ بِمُجَرَّدِ أَنْ يَكُونَ مِنْ نِيَّتِهِ الْإِحْلَالُ

أَوْ بِكَوْنِهِ شَرْطَ الْإِحْلَالِ انْتَهَى كَلَامُ أَبِي الطَّيِّبِ

قُلْتُ قَوْلُهُ اللَّعْنُ قَدْ يَكُونُ لِخِسَّةِ الْفِعْلِ وَهَتْكِ الْمُرُوءَةِ ادِّعَاءٌ مَحْضٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ بَلْ لَعْنَةُ اللَّهِ لَا تَكُونُ إِلَّا لِلتَّحْرِيمِ

وقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ تَسْمِيَتَهُ مُحَلِّلًا لَا يَقْتَضِي صِحَّةَ الْعَقْدِ

تَنْبِيهٌ قَوْلُ الْإِمَامِ وَكِيعٍ هَذَا يَدُلُّ دَلَالَةً ظَاهِرَةً عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَنَفِيًّا مُقَلِّدًا لِلْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ فَبَطَلَ قَوْلُ صَاحِبِ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ أَنَّ وَكِيعًا كَانَ حَنَفِيًّا مُقَلِّدًا لِأَبِي حَنِيفَةَ

وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي هَذَا فِي بَابِ الْإِشْعَارِ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ (قَالَ وَكِيعٌ وَقَالَ سُفْيَانُ إِذَا تَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ لِيُحَلِّلَهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُمْسِكَهَا فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُمْسِكَهَا حَتَّى يتزوج بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ إِذَا كان ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>