للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على شَرْطٍ بَيْنَهُمَا فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ لِأَنَّ الْعَقْدَ مُتَنَاهٍ إِلَى مُدَّةٍ كَنِكَاحِ الْمُتْعَةِ

وإِذَا لَمْ يَكُنْ شرطا ودان نِيَّةً وَعَقِيدَةً فَهُوَ مَكْرُوهٌ

فَإِنْ أَصَابَهَا الزَّوْجُ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَانْقَضَتِ الْعِدَّةُ فَقَدْ حَلَّتْ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ

وقَدْ كَرِهَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ أن يضمر أَوْ يَنْوِيَا أَوْ أَحَدُهُمَا التَّحْلِيلَ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطَاهُ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ لَا يُحِلُّهَا لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نِكَاحَ رَغْبَةٍ فَإِنْ كَانَتْ نِيَّةُ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي أَوْ الْمَرْأَةِ أَنَّهُ مُحَلِّلٌ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ وَلَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ

إِذَا تَزَوَّجَهَا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُحَلِّلَهَا لِزَوْجِهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُمْسِكَهَا لَا يُعْجِبُنِي إِلَّا أَنْ يُفَارِقَهَا وَيَسْتَأْنِفَ نِكَاحًا جَدِيدًا وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يفرق بينها عَلَى كُلِّ حَالٍ انْتَهَى كَلَامُ الْخَطَّابِيِّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنْ عُقِدَ النِّكَاحُ مُطْلَقًا لَا شَرْطَ فِيهِ فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ وَلَا تُفْسِدُ النِّيَّةُ مِنَ النِّكَاحِ شَيْئًا لِأَنَّ النِّيَّةَ حَدِيثُ نَفْسٍ وَقَدْ رُفِعَ عَنِ النَّاسِ مَا حَدَّثُوا بِهِ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرَ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ هَذَا الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ فِي تَلْخِيصِهِ

قُلْتُ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ هَذَا كَلَامٌ فَتَأَمَّلْ

تَنْبِيهٌ قَالَ صَاحِبُ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَنَا أَنَّ الشَّرْطَ إِثْمٌ وَالنِّكَاحَ صَحِيحٌ قَالَ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ مَا أَفْتَى عُمَرُ بِسَنَدٍ لَعَلَّهُ جَيِّدٌ أَنَّ رَجُلًا نَكَحَ امْرَأَةً لِلتَّحْلِيلِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا تُفَارِقِ امْرَأَتَكَ وَإِنْ طَلَّقْتَهَا فَأُعَزِّرْكَ

قَالَ فَدَلَّ عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ لِلتَّحْلِيلِ انْتَهَى

قُلْتُ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَّ امْرَأَةً أَرْسَلَتْ إِلَى رَجُلٍ فَزَوَّجَتْهُ نَفْسَهَا لِيُحِلَّهَا لِزَوْجِهَا فَأَمَرَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يُقِيمَ مَعَهَا وَلَا يُطَلِّقَهَا وَأَوْعَدَهُ أَنْ يُعَاقِبَهُ إِنْ طَلَّقَهَا

ذَكَرَ هَذَا الْأَثَرَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ بِغَيْرِ السَّنَدِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى سَنَدِهِ

فَمَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ صَحِيحٌ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ وأثر عمر هذا يخالفه ما أخرج بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ قَالَ لَا أُوتَى بِمُحَلِّلٍ له وَلَا مُحَلَّلٍ لَهُ إِلَّا رَجَمْتُهُمَا وَيُخَالِفُهُ قَوْلُ بن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كُنَّا نَعُدُّ هَذَا سِفَاحًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَقَدْ تَقَدَّمَ ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي اللَّفْظِ فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ مَعْرُوفًا بِهَذَا الْفِعْلِ فَمَكْرُوهٌ تَحْرِيمًا كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ

وفِي بَعْضِ كُتُبِنَا أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِي اللفظ فالمحل له ثواب لأنه نفع أخيه الْمُسْلِمَ انْتَهَى بِلَفْظِهِ

قُلْتُ وفِي بَعْضِ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ مَأْجُورٌ وَإِنْ شَرَطَاهُ بِالْقَوْلِ لِقَصْدِ الْإِصْلَاحِ

وهَذَا هُوَ مَعْمُولٌ بِهِ عِنْدَ حَنَفِيَّةِ دِيَارِنَا فَيَعْمَلُونَ بِهِ وَيَظُنُّونَ أَنَّهُمْ يَنْفَعُونَ إِخْوَانَهُمْ وَيَصِيرُونَ مَأْجُورِينَ فَهَدَاهُمْ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى التَّحْقِيقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>