للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ (كُنَّا جُلُوسًا) أَيْ جَالِسِينَ (كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ) أَيِ الْمَحْسُوسَ الْمُشَاهَدَ الْمَرْئِيَّ (لَا تُضَامُونَ) بِضَمِّ التَّاءِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ مِنَ الضَّيْمِ وَهُوَ الظُّلْمُ

قَالَ الْحَافِظُ وَهُوَ الْأَكْثَرُ أَيْ لَا يَنَالُكُمْ ضَيْمٌ وَظُلْمٌ فِي رُؤْيَتِهِ فَيَرَاهُ بَعْضٌ دُونَ بَعْضٍ وَرُوِيَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ مِنَ التَّضَامِّ بِمَعْنَى التَّزَاحُمِ وَبِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ مِنَ الْمُضَامَّةِ وَهِيَ الْمُزَاحَمَةُ وَهُوَ حِينَئِذٍ يَحْتَمِلُ كَوْنَهُ لِلْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ

وَحَاصِلُ مَعْنَى الْكُلِّ لَا تَشُكُّونَ (فِي رُؤْيَتِهِ) أَيْ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ

قَالَ فِي جَامِعِ الْأُصُولِ قَدْ يُخَيَّلُ إِلَى بَعْضِ السَّامِعِينَ أَنَّ الْكَافَ فِي قوله كما ترون كما في التَّشْبِيهِ لِلْمَرْئِيِّ وَإِنَّمَا هُوَ كَافُ التَّشْبِيهِ لِلرُّؤْيَةِ وَهُوَ فِعْلُ الرَّائِي

وَمَعْنَاهُ تَرَوْنَ رَبَّكُمْ رُؤْيَةً يَنْزَاحُ مَعَهَا الشَّكُّ كَرُؤْيَتِكُمُ الْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَا تَرْتَابُونَ وَلَا تَمْتَرُونَ (فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ لَا تَصِيرُوا مَغْلُوبِينَ (فَافْعَلُوا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنَ الِاسْتِطَاعَةِ أَوْ عَدَمِ الْمَغْلُوبِيَّةِ

قَالَ الْقَاضِي تَرْتِيبُ قَوْلِهِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ عَلَى قَوْلِهِ سَتَرَوْنَ بِالْفَاءِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُوَاظِبَ عَلَى إِقَامَةِ الصَّلَوَاتِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا خَلِيقٌ بِأَنْ يَرَى رَبَّهُ وَقَوْلُهُ لَا تُغْلَبُوا مَعْنَاهُ لَا تَصِيرُوا مَغْلُوبِينَ بِالِاشْتِغَالِ عَنْ صَلَاتَيِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَإِنَّمَا خَصَّهُمَا بِالْحَثِّ لِمَا فِي الصُّبْحِ مِنْ مَيْلِ النَّفْسِ إِلَى الِاسْتِرَاحَةِ وَالنَّوْمِ وَفِي الْعَصْرِ مِنْ قِيَامِ الْأَسْوَاقِ وَاشْتِغَالِ النَّاسِ بِالْمُعَامَلَاتِ فَمَنْ لَمْ يَلْحَقْهُ فَتْرَةٌ فِي الصَّلَاتَيْنِ مَعَ مَا لَهُمَا مِنْ قُوَّةِ الْمَانِعِ فَبِالْحَرِيِّ أَنْ لَا تَلْحَقَهُ فِي غَيْرِهِمَا (ثُمَّ قَرَأَ) أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ جَرِيرٌ (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِلَخْ) أَيْ وَصَلِّ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ وَعَبَّرَ عَنِ الْكُلِّ بِالْجُزْءِ وَهُوَ التَّسْبِيحُ الْمُرَادُ بِهِ الثَّنَاءُ فِي الِافْتِتَاحِ الْمَقْرُونِ بِحَمْدِ الرَّبِّ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهِ سُورَةُ الْفَاتِحَةِ أَوِ الْمُرَادُ بِالتَّسْبِيحِ تَنْزِيهُ الرَّبِّ عَنِ الشَّرِيكِ وَنَحْوِهِ مِنْ صِفَاتِ النقصان والزوال

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجة

<<  <  ج: ص:  >  >>