قَوْلَهُ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ جَمْعَ مُضَافٍ وَهُوَ مِنَ الْمُشْعِرَاتِ بِذَلِكَ وَأَثَرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ هَذَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِهِمَا وَذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ فِي بَابِ حُجَّةِ مَنْ كَفَّرَ تَارِكَ الصَّلَاةِ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي كُفْرِ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُنْكِرًا بِوُجُوبِهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَوْ لَمْ يُخَالِطِ الْمُسْلِمِينَ مُدَّةً يَبْلُغُهُ فِيهَا وُجُوبُ الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ تَرْكُهُ لَهَا تَكَاسُلًا مَعَ اعْتِقَادِهِ لِوُجُوبِهَا كَمَا هُوَ حَالُ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ
فَذَهَبَ الْجَمَاهِيرُ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ بَلْ يَفْسُقُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قَتَلْنَاهُ حَدًّا كَالزَّانِي المحصن ولكنه يقتل بالسيف
وذهب مِنَ السَّلَفِ إِلَى أَنَّهُ يَكْفُرُ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَبِهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَهُوَ وَجْهٌ لِبَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَالْمُزَنِيُّ صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ إِلَى أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ وَلَا يُقْتَلُ بَلْ يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ حَتَّى يُصَلِّيَ
احْتَجَّ الْأَوَّلُونَ عَلَى عَدَمِ كُفْرِهِ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يشاء وَبِمَا سَيَأْتِي مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي بَابِ حُجَّةِ مَنْ لَمْ يُكَفِّرْ تَارِكَ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَقْطَعْ عليه بخلو كَحَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ مَنْ أَتَى بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ
رواه أحمد وأبو داود والنسائي وبن مَاجَهْ
وَاحْتَجُّوا عَلَى قَتْلِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فَإِنْ تابوا وأقاموا الصلاة وأتوا الزكاة فخلوا سبيلهم وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا الْحَدِيثَ
متفق عليه
وتألوا قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ
وَسَائِرُ أَحَادِيثِ الْبَابِ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ عُقُوبَةَ الْكَافِرِ وَهِيَ الْقَتْلُ وَأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ أَوْ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُؤَوَّلُ بِهِ إِلَى الْكُفْرِ أَوْ عَلَى أَنَّ فِعْلَهُ فِعْلُ الْكُفَّارِ
وَاحْتَجَّ أَهْلُ الْقَوْلِ الثَّانِي بِأَحَادِيثِ الْبَابِ
وَاحْتَجَّ أَهْلُ الْقَوْلِ الثَّالِثِ عَلَى عَدَمِ الْكُفْرِ بِمَا احْتَجَّ بِهِ أَهْلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَعَلَى عَدَمِ الْقَتْلِ بِحَدِيثِ لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ وَلَيْسَ فِيهِ الصَّلَاةُ
وَالْحَقُّ أَنَّهُ كَافِرٌ يُقْتَلُ أَمَّا كُفْرُهُ فَلِأَنَّ الْأَحَادِيثَ قَدْ صَحَّتْ أَنَّ الشَّارِعَ سَمَّى تَارِكَ