الصَّلَاةِ بِذَلِكَ الِاسْمِ وَجَعَلَ الْحَائِلَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ إِطْلَاقِ هَذَا الِاسْمِ عَلَيْهِ هُوَ الصَّلَاةُ فَتَرْكُهَا مُقْتَضٍ لِجَوَازِ الْإِطْلَاقِ وَلَا يَلْزَمُنَا شَيْءٌ مِنَ الْمُعَارَضَاتِ الَّتِي أَوْرَدَهَا الْأَوَّلُونَ لِأَنَّا نَقُولُ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ غَيْرَ مَانِعٍ الْمَغْفِرَةَ وَاسْتِحْقَاقَ الشَّفَاعَةِ كَكُفْرِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ بِبَعْضِ الذُّنُوبِ الَّتِي سَمَّاهَا الشَّارِعُ كُفْرًا فلا من ملجى إِلَى التَّأْوِيلَاتِ الَّتِي وَقَعَ النَّاسُ فِي مَضِيقِهَا
وَأَمَّا أَنَّهُ يُقْتَلُ فَلِأَنَّ حَدِيثَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ
يَقْضِي بِوُجُوبِ الْقَتْلِ لِاسْتِلْزَامِ الْمُقَاتَلَةِ لَهُ وَقَدْ شَرَطَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ التَّخْلِيَةَ بِالتَّوْبَةِ وَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ فَقَالَ فَإِنْ تابوا وأقاموا الصلاة وأتوا الزكاة فخلوا سبيلهم فَلَا يُخَلَّى مَنْ لَمْ يُقِمِ الصَّلَاةَ انْتَهَى كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ مُخْتَصَرًا مُلَخَّصًا
قُلْتُ لَوْ تَأَمَّلْتَ فِي مَا حَقَّقَهُ الشَّوْكَانِيُّ فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ كَافِرٌ وَفِي مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ لَعَرَفْتَ أَنَّهُ نِزَاعٌ لَفْظِيٌّ لِأَنَّهُ كَمَا لَا يُخَلَّدُ هُوَ فِي النَّارِ وَلَا يُحْرَمُ مِنَ الشَّفَاعَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ كَذَلِكَ لَا يُخَلَّدُ هُوَ فِيهَا وَلَا يحرم منها عند الشوكاني أيضا
٠ - باب [٢٦٢٣] قوله (عن بن الهاد) اسمه يزي بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ اللَّيْثِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيُّ ثِقَةٌ مُكْثِرٌ مِنَ الْخَامِسَةِ
قَوْلُهُ (ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ) قَالَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ مَعْنَى رَضِيتُ بِالشَّيْءِ قَنَعْتُ بِهِ وَاكْتَفَيْتُ بِهِ وَلَمْ أَطْلُبْ مَعَهُ غَيْرَهُ
فَمَعْنَى الْحَدِيثِ لَمْ يَطْلُبْ غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَمْ يَسْمَعْ فِي غَيْرِ طَرِيقِ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَسْلُكْ إِلَّا بِمَا يُوَافِقُ شَرِيعَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ مَنْ كَانَتْ هَذِهِ صِفَتَهُ فَقَدْ خَالَطَتْ حَلَاوَةُ الْإِيمَانِ قَلْبَهُ وَذَاقَ طَعْمَهُ
وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ مَعْنَى الْحَدِيثِ صَحَّ إِيمَانُهُ وَاطْمَأَنَّتْ بِهِ نَفْسُهُ وَخَامَرَ بَاطِنَهُ لِأَنَّ رِضَاهُ بِالْمَذْكُورَاتِ دَلِيلٌ لِثُبُوتِ مَعْرِفَتِهِ وَنَفَاذِ بَصِيرَتِهِ وَمُخَالَطَةِ بَشَاشَتِهِ قلبه لأن من رضي أمر سَهُلَ عَلَيْهِ فَكَذَا الْمُؤْمِنُ إِذَا دَخَلَ قَلْبَهُ الْإِيمَانُ سَهُلَ عَلَيْهِ طَاعَاتُ اللَّهِ تَعَالَى وَلَذَّتْ لَهُ (رَبًّا) بِالنَّصْبِ عَلَى التَّمْيِيزِ وَكَذَا أَخَوَاتُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute