الشِّرْكِ لَا يَكْفُرُونَ بِذَلِكَ بَلْ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ نَاقِصُو الْإِيمَانِ إِنْ تَابُوا سَقَطَتْ عُقُوبَتُهُمْ وَإِنْ مَاتُوا مُصِرِّينَ عَلَى الْكَبَائِرِ كَانُوا فِي الْمَشِيئَةِ فإن شأن اللَّهُ تَعَالَى عَفَا عَنْهُمْ وَأَدْخَلَهُمُ الْجَنَّةَ أَوَّلًا وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ ثُمَّ أَدْخَلَهُمُ الْجَنَّةَ
فَكُلُّ هَذِهِ الدَّلَائِلِ تَضْطَرُّنَا إِلَى تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ وَشِبْهِهِ
وَتَأْوِيلُ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى مَنْ فَعَلَ مُسْتَحِلًّا مَعَ عِلْمِهِ بِوُرُودِ الشَّرْعِ بتحريمه
وحكي عن بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ مَعْنَاهُ يُنْزَعُ مِنْهُ نُورُ الْإِيمَانِ فِيهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ
وَذَهَبَ الزُّهْرِيُّ إِلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ وَمَا أَشْبَهَهُ يُؤْمَنُ بِهَا وَتَمُرُّ عَلَى مَا جَاءَتْ وَلَا يُخَاضُ فِي مَعْنَاهَا وَأَنَّا لَا نَعْلَمُ مَعْنَاهَا وقال أروها كَمَا أَمَرَّهَا مَنْ قَبْلَكُمْ انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ مُخْتَصَرًا
قُلْتُ قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَقَالَ بن عباس ينزع عنه نور الإيمان في الزنى
قَالَ الْحَافِظُ وَصَلَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بن أبي صفية قال كان بن عباس يدعو غلمانه غُلَامًا فَيَقُولُ أَلَا أُزَوِّجُكَ مَا عَبْدٌ يَزْنِي إِلَّا نَزَعَ اللَّهُ مِنْهُ نُورَ الْإِيمَانِ
وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا أَخْرَجَهُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ مِنْ طريق مجاهد عن بن عَبَّاسٍ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنِ نَزَعَ اللَّهُ نُورَ الْإِيمَانِ مِنْ قَلْبِهِ فَإِنْ شَاءَ أَنْ يَرُدَّهُ رَدَّهُ
وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ (وَلَكِنَّ التَّوْبَةَ مَعْرُوضَةٌ) زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةٍ بَعْدَهُ
وَالْمَعْنَى لَكِنَّ التَّوْبَةَ تُعْرَضُ عَلَيْهِ فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ
[٢٦٢٥] قَوْلُهُ (وَفِي الباب عن بن عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى) أما حديث بن عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَلْيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي أوفى فأخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ
قَوْلُهُ (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ
قَوْلُهُ (وَقَدْ رُوِيَ عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال إذا زنى) أي أخذ وشرع في الزنى (الْعَبْدُ) أَيِ الْمُؤْمِنُ (خَرَجَ مِنَ الْإِيمَانِ) أَيْ نوره وكماله أو يصير كأنه خرج إذا لَا يَمْنَعُ إِيمَانُهُ عَنْ ذَلِكَ كَمَا لَا يمنع من خرج منه الإيمان أَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّغْلِيظِ فِي الْوَعِيدِ
قَالَ التوربشتي هذا