مِنْ بَابِ الزَّجْرِ وَالتَّهْدِيدِ وَهُوَ كَقَوْلِ الْقَائِلِ لِمَنِ اشْتَهَرَ بِالرُّجُولِيَّةِ وَالْمُرُوءَةِ ثُمَّ فَعَلَ مَا يُنَافِي شِيمَتَهُ عُدِمَ عَنْهُ الرُّجُولِيَّةُ وَالْمُرُوءَةُ تَعْبِيرًا وَتَنْكِيرًا لِيَنْتَهِيَ عَمَّا صَنَعَ وَاعْتِبَارًا وَزَجْرًا لِلسَّامِعِينَ ولطفا بهم وتنبيها على أن الزنى مِنْ شِيَمِ أَهْلِ الْكُفْرِ وَأَعْمَالِهِمْ فَالْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِيمَانِ كَالْجَمْعِ بَيْنَ الْمُتَنَافِيَيْنِ
وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ فَوْقَ رَأْسِهِ كَالظُّلَّةِ وَهُوَ أَوَّلُ سَحَابَةٍ تُظِلُّ
إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ وَإِنْ خَالَفَ حُكْمَ الْإِيمَانِ فَإِنَّهُ تَحْتَ ظِلِّهِ لَا يَزُولُ عَنْهُ حُكْمُ الْإِيمَانِ وَلَا يَرْتَفِعُ عَنْهُ اسْمُهُ (عَادَ إِلَيْهِ الْإِيمَانُ) قِيلَ هذا تشبيه المعنى بالمحسوس يجامع بمعنوي وَهُوَ الْإِشْرَافُ عَلَى الزَّوَالِ وَفِيهِ إِيمَاءٌ بِأَنَّ الْمُؤْمِنَ فِي حَالَةِ اشْتِغَالِهِ بِالْمَعْصِيَةِ يَصِيرُ كَالْفَاقِدِ لِلْإِيمَانِ لَكِنْ لَا يَزُولُ حُكْمُهُ وَاسْمُهُ بَلْ هُوَ بَعْدُ فِي ظِلِّ رِعَايَتِهِ وَكَنَفِ بَرَكَتِهِ إِذَا نَصَبَ فَوْقَهُ كَالسَّحَابَةِ تُظِلُّهُ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ مَعْصِيَتِهِ عَادَ الْإِيمَانُ إِلَيْهِ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ مُعَلَّقًا وَوَصَلَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ
قَوْلُهُ (وَرُوِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ) بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْمَشْهُورِ بِالْبَاقِرِ (أَنَّهُ قَالَ فِي هَذَا خُرُوجٌ عَنِ الْإِيمَانِ إِلَى الْإِسْلَامِ) يَعْنِي أَنَّهُ جَعَلَ الْإِيمَانَ أَخَصَّ مِنَ الْإِسْلَامِ فَإِذَا خَرَجَ مِنَ الْإِيمَانِ بَقِيَ فِي الْإِسْلَامِ وَهَذَا يُوَافِقُ قَوْلَ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِيمَانِ هُنَا كَمَالُهُ لَا أَصْلُهُ قَالَهُ الْحَافِظُ
وَقَوْلُهُ (رَوَى ذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَخُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) تَقَدَّمَ تخريج أَحَادِيثَ هَؤُلَاءِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي بَابِ مَا جَاءَ أَنَّ الْحُدُودَ كَفَّارَةٌ لِأَهْلِهَا
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ أَبِي السَّفَرِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمْدَانِيُّ) اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute