سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْهَى أَنْ يُسَمَّى بِيَعْلَى وَبِبَرَكَةَ وَبِأَفْلَحَ وَبِيَسَارٍ وَبِنَافِعٍ وَبِنَحْوِ ذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْته سَكَتَ بَعْدُ عَنْهَا فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا ثُمَّ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَنْهَ عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ أَرَادَ عُمَرُ أَنْ يَنْهَى عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ تَرَكَهُ
فَإِنْ قُلْتَ حَدِيثُ جَابِرٍ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ يَنْهَى عَنِ التَّسْمِيَةِ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ وَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ
وَحَدِيثُ سَمُرَةَ الْآتِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَى عَنِ ذَلِكَ فَمَا وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا قُلْتُ وَجْهُ الْجَمْعِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ يَنْهَى نَهْيَ تَحْرِيمٍ ثُمَّ سَكَتَ بَعْدَ ذَلِكَ رَحْمَةً عَلَى الْأُمَّةِ لِعُمُومِ الْبَلْوَى وَإِيقَاعِ الْحَرَجِ لَا سِيَّمَا وَأَكْثَرُ النَّاسِ مَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْأَسْمَاءِ مِنَ الْقُبْحِ وَالْحُسْنِ فَالنَّهْيُ الْمَنْفِيُّ مَحْمُولٌ عَلَى التَّحْرِيمِ وَالْمُثْبَتِ عَلَى التَّنْزِيهِ
قَوْلُهُ (لَا تُسَمِّ غُلَامَكَ) أَيْ صَبِيَّكَ أَوْ عَبْدَكَ (رَبَاحَ) كَذَا وَقَعَ فِي النُّسَخِ الْحَاضِرَةِ رَبَاحَ وَيَسَارَ وَنَجِيحَ بِغَيْرِ الْأَلِفِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُدَ رَبَاحًا وَيَسَارًا وَنَجِيحًا بِالْأَلِفِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَرَبَاحٌ بِفَتْحِ الرَّاءِ مِنَ الرِّبْحِ ضِدُّ الْخَسَارَةِ (وَلَا أَفْلَحَ) مِنَ الْفَلَاحِ وَهُوَ الْفَوْزُ (وَلَا يَسَارَ) مِنَ الْيُسْرِ ضِدُّ الْعُسْرِ (وَلَا نَجِيحَ) مِنَ النَّجْحِ وَهُوَ الظَّفَرُ (أَثَمَّ) أَيْ أَهُنَاكَ (هُوَ) أَيِ الْمُسَمَّى بِأَحَدِ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ الْمَذْكُورَةِ (فَيُقَالُ لَا) أَيْ لَيْسَ هُنَاكَ رَبَاحٌ أَوْ أَفْلَحُ أَوْ يَسَارٌ أَوْ نَجِيحٌ فَلَا يَحْسُنُ مِثْلُ هَذَا فِي التَّفَاؤُلِ أَوْ فَيُكْرَهُ لِشَنَاعَةِ الْجَوَابِ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ مَعْنَى هَذَا أَنَّ النَّاسَ يَقْصِدُونَ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ التَّفَاؤُلَ بِحُسْنِ أَلْفَاظِهَا أَوْ مَعَانِيهَا وَرُبَّمَا يَنْقَلِبُ عَلَيْهِمْ مَا قَصَدُوهُ إِلَى الضِّدِّ إِذَا سَأَلُوا فَقَالُوا أَثَمَّ يَسَارٌ أَوْ نَجِيحٌ فَقِيلَ لَا تَتَطَيَّرُوا بِنَفْيِهِ وَاضْمُرُوا الْيَأْسَ مِنَ الْيُسْرِ وَغَيْرِهِ فَنَهَاهُمْ عَنِ السَّبَبِ الَّذِي يَجْلِبُ سُوءَ الظَّنِّ وَالْإِيَاسَ مِنَ الْخَيْرِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute