للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ (أَخْنَعُ اسْمٍ) أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ مِنَ الْخُنُوعِ وَهُوَ الذُّلُّ وَقَدْ فَسَّرَهُ بِذَلِكَ الْحُمَيْدِيُّ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ عَقِبَ رِوَايَتِهِ لَهُ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ أَخْنَعُ أَذَلُّ

وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ سَأَلْتَ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ يَعْنِي إِسْحَاقَ اللُّغَوِيَّ عَنْ أَخْنَعُ فَقَالَ أَوْضَعُ

قَالَ عِيَاضٌ مَعْنَاهُ أَشَدُّ الْأَسْمَاءِ صَغَارًا وَبِنَحْوِ ذَلِكَ فَسَّرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَالْخَانِعُ الذَّلِيلُ وَخَنَعَ الرَّجُلُ ذل

قال بن بَطَّالٍ وَإِذَا كَانَ الِاسْمُ أَذَلَّ الْأَسْمَاءِ كَانَ مَنْ تَسَمَّى بِهِ أَشَدَّ ذُلًّا

وَقَدْ فَسَّرَ الْخَلِيلُ أَخْنَعَ بِأَفْجَرَ فَقَالَ الْخَنْعُ الْفُجُورُ يُقَالُ أَخْنَعَ الرَّجُلُ إِلَى الْمَرْأَةِ إِذَا دَعَاهَا لِلْفُجُورِ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَيَأْتِي فِي آخِرِ الْحَدِيثِ تَفْسِيرُهُ بِأَقْبَحَ وَهُوَ تَفْسِيرٌ بِالْمَعْنَى اللَّازِمِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ أَخْنَى الْأَسْمَاءِ وَهُوَ مِنَ الْخَنَا بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ مَقْصُورٌ وَهُوَ الْفُحْشُ فِي الْقَوْلِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِهِمْ أَخْنَى عَلَيْهِ الدَّهْرُ أَيْ أَهْلَكَهُ

وَقَدْ وَرَدَ بِلَفْظِ أَخْبَثُ بِمُعْجَمَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ مُثَلَّثَةٍ وَبِلَفْظِ أَغْيَظُ وَهُمَا عِنْدَ مُسْلِمٍ (تُسَمَّى) بِصِيغَةِ الْمَاضِي الْمَعْلُومِ مِنَ التَّسَمِّي أَيْ سَمَّى نَفْسَهُ أَوْ سمي بذلك فرضى به واستمر عليه (ملك الْأَمْلَاكِ) بِكَسْرِ اللَّامِ مِنْ مَلِكٍ وَالْأَمْلَاكُ جَمْعُ مِلْكٍ بِالْكَسْرِ وَبِالْفَتْحِ وَجَمْعُ مَلِيكٍ (قَالَ سُفْيَانُ شاهان شاه) وَقَدْ تَعَجَّبَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مِنْ تفسير سفيان بن عيينة اللفظة العربية باللفظية العجمية وأنكر ذلك آخرون وهو غفلة منهم عَنْ مُرَادِهِ وَذَلِكَ أَنَّ لَفْظَ شاهان شاه كَانَ قَدْ كَثُرَ التَّسْمِيَةُ بِهِ فِي ذَلِكَ الْعَصْرِ فَنَبَّهَ سُفْيَانُ عَلَى أَنَّ الِاسْمَ الَّذِي وَرَدَ الْخَبَرُ بِذَمِّهِ لَا يَنْحَصِرُ فِي مَلِكِ الْأَمْلَاكِ بَلْ كُلُّ مَا أَدَّى مَعْنَاهُ بِأَيِّ لِسَانٍ كَانَ فَهُوَ مُرَادٌ بِالذَّمِّ

وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الصَّوَابَ شاه شاهان وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ قَاعِدَةَ الْعَجَمِ تَقْدِيمُ الْمُضَافِ إِلَيْهِ عَلَى الْمُضَافِ فَإِذَا أَرَادُوا قَاضِي الْقُضَاةِ بِلِسَانِهِمْ قَالُوا موبذان موبذ فموبذ هُوَ الْقَاضِي وموبذان جَمْعُهُ فَكَذَا شاه هُوَ الْمَلِكُ وشاهان هُوَ الْمُلُوكُ

وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى تَحْرِيمِ التَّسَمِّي بِهَذَا الِاسْمِ لِوُرُودِ الْوَعْدِ الشَّدِيدِ وَيَلْتَحِقُ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِثْلُ خَالِقِ الْخَلْقِ وَأَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ وَسُلْطَانُ السَّلَاطِينِ وَأَمِيرُ الْأُمَرَاءِ وَقِيلَ يَلْتَحِقُ بِهِ أَيْضًا مَنْ تَسَمَّى بِشَيْءٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْخَاصَّةِ بِهِ كَالرَّحْمَنِ وَالْقُدُّوسِ وَالْجَبَّارِ وَهَلْ يَلْتَحِقُ بِهِ مَنْ تَسَمَّى قَاضِيَ الْقُضَاةِ أَوْ حَاكِمَ الْحُكَّامِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ قَالَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَذَكَرَ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِيهِ فَمَنْ شَاءَ الْوُقُوفَ عَلَيْهِ فَلْيُرَاجِعْهُ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>