قَوْلُهُ (كُسِرَتْ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (رَبَاعِيَتُهُ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ الرَّبَاعِيَةُ كَثَمَانِيَةٍ السِّنُّ الَّتِي بَيْنَ الثَّنِيَّةِ وَالنَّابِ
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ الْمُرَادُ بِكَسْرِ الرَّبَاعِيَةِ وَهِيَ السِّنُّ الَّتِي بَيْنَ الثَّنِيَّةِ وَالنَّابِ أنها كسرت فذهب مِنْهَا فَلْقَةٌ وَلَمْ تُقْلَعْ مِنْ أَصْلِهَا (وَشُجَّ) عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَالشَّجُّ ضَرْبُ الرَّأْسِ خَاصَّةً وَجَرْحُهُ وَشَقُّهُ ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِهِ (وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (فَنَزَلَتْ لَيْسَ لَكَ إِلَخْ) هَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ يَوْمَ أُحُدٍ حِينَ شُجَّ وجه رسول الله
وَقَالَ كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ فَعَلُوا هَذَا بِنَبِيِّهِمْ
وروى البخاري وغيره عن بن عمر
أنه سمع رسول الله إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ مِنَ الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ مِنَ الْفَجْرِ يَقُولُ اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلَانًا فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا بَعْدَ مَا يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ فَأَنْزَلَ الله (ليس لك إلخ) وحديث بن عُمَرَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي مَنْعِ اللَّعْنِ عَلَى الْكُفَّارِ فِي قُنُوتِ الْفَجْرِ
قَالَ الْحَافِظُ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ نَزَلَتْ فِي الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا فَإِنَّهُمَا كَانَا فِي قِصَّةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هريرة نحو حديث بن عُمَرَ لَكِنْ فِيهِ اللَّهُمَّ الْعَنْ لِحْيَانَ وَرِعْلًا وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ قَالَ ثُمَّ بَلَغَنَا أَنَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ لَمَّا نَزَلَتْ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شيء قَالَ وَهَذَا إِنْ كَانَ مَحْفُوظًا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ نُزُولُ الْآيَةِ تَرَاخَى عَنْ قِصَّةِ أُحُدٍ لِأَنَّ قِصَّةَ رِعْلٍ وَذَكْوَانَ كَانَتْ بَعْدَهَا وَفِيهِ بُعْدٌ وَالصَّوَابُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي شَأْنِ الَّذِينَ دَعَا عَلَيْهِمْ بِسَبَبِ قِصَّةِ أُحُدٍ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ
وَقَوْلُهُ تَعَالَى لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شيء أَيْ لَسْتَ تَمْلِكُ إِصْلَاحَهُمْ وَلَا تَعْذِيبَهُمْ بَلْ ذَلِكَ مِلْكُ اللَّهِ فَاصْبِرْ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ بِالْإِسْلَامِ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ بِالْقَتْلِ وَالْأَسْرِ وَالنَّهْبِ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ بِالْكُفْرِ
وَالْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ مَالِكُ أَمْرِهِمْ يَصْنَعُ بِهِمْ مَا يَشَاءُ مِنَ الْإِهْلَاكِ أَوِ الْهَزِيمَةِ أَوِ التَّوْبَةِ إِنْ أَسْلَمُوا أَوِ الْعَذَابِ إِنْ أَصَرُّوا عَلَى الْكُفْرِ
قَالَ الْفَرَّاءُ أَوْ بِمَعْنَى إِلَّا وَالْمَعْنَى إِلَّا أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ فَتَفْرَحَ بِذَلِكَ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَتَشْتَفِي بِهِمْ
وَقَالَ السُّيُوطِيُّ أَوْ بِمَعْنَى إِلَى أَنْ يَعْنِي غَايَةً فِي الصَّبْرِ أَيْ إِلَى أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ ومسلم والنسائي