للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفسير فتح البيان والدين الْخَالِصِ (وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ وَحْيِ الشَّيْطَانِ وَأَمْرِهِ) أَيْ مِنْ وَسْوَسَتِهِ وَحَدِيثِهِ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَالْحَاكِمُ في مستدركه وبن أبي حاتم وغيرهم

قال الحافظ بن كَثِيرٍ هَذَا الْحَدِيثُ مَعْلُولٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ هَذَا هُوَ البصري وقد وثقه بن مَعِينٍ وَلَكِنْ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ لَا يحتج به ولكن رواه بن مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ مَرْفُوعًا فاللَّهُ أَعْلَمُ

الثَّانِي أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ مِنْ قَوْلِ سَمُرَةَ نَفْسِهِ لَيْسَ مَرْفُوعًا

الثَّالِثُ أَنَّ الْحَسَنَ نَفْسَهُ فَسَّرَ الْآيَةَ بِغَيْرِ هَذَا فَلَوْ كَانَ هَذَا عِنْدَهُ عَنْ سَمُرَةَ مَرْفُوعًا لَمَا عَدَلَ عَنْهُ

انْتَهَى

قلتَ عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَذْكُورُ وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ فِي رِوَايَةِ الْحَدِيثِ عَنْ قَتَادَةَ كَمَا عَرَفْتَ وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ عَنْ قَتَادَةَ وَفِي سَمَاعِ الْحَسَنِ مِنْ سَمُرَةَ كَلَامٌ مَعْرُوفٌ

تَنْبِيهٌ أورد التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَ سَمُرَةَ الْمَذْكُورَ هُنَا فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ

فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ قَالَ صَاحِبُ فَتْحِ الْبَيَانِ قَدِ اسْتَشْكَلَ هَذِهِ الْآيَةَ جَمْعٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لِأَنَّ ظَاهِرَهَا صَرِيحٌ فِي وُقُوعِ الْإِشْرَاكِ مِنْ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالْأَنْبِيَاءُ مَعْصُومُونَ عَنِ الشِّرْكِ ثُمَّ اضْطُرُّوا إِلَى التَّفَصِّي مِنْ هَذَا الْإِشْكَالِ

فَذَهَبَ كُلٌّ إِلَى مَذْهَبٍ وَاخْتَلَفَتْ أَقْوَالُهُمْ فِي تَأْوِيلِهَا اخْتِلَافًا كَثِيرًا حَتَّى أَنْكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ مِنْهُمُ الرَّازِيُّ وَأَبُو السُّعُودِ وَغَيْرُهُمَا

وَقَالَ الْحَسَنُ هَذَا فِي الْكُفَّارِ يَدْعُونَ اللَّهَ فَإِذَا آتاهما صالحا هودوا أو نصروا

وقال بن كَيْسَانَ هُمُ الْكُفَّارُ سَمَّوْا أَوْلَادَهُمْ بِعَبْدِ الْعُزَّى وَعَبْدِ الشَّمْسِ وَعَبْدِ الدَّارِ وَنَحْوَ ذَلِكَ

قال الْحَسَنُ كَانَ هَذَا فِي بَعْضِ أَهْلِ الْمِلَلِ وَلَيْسَ بِآدَمَ وَقِيلَ هَذَا خِطَابٌ لِقُرَيْشٍ الَّذِينَ كانوا في عهد رسول الله وَهُمْ آلُ قُصَيٍّ وَحَسَّنَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وَقَالَ هَذَا تَفْسِيرٌ حَسَنٌ لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>