للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩ - باب ومن سورة الكوثر مكية قاله بن عَبَّاسٍ وَالْجُمْهُورُ وَقِيلَ إِنَّهَا مَدَنِيَّةٌ قَالَهُ الْحَسَنُ وَعِكْرِمَةُ وَقَتَادَةُ وَهِيَ ثَلَاثُ آيَاتٍ [٣٣٥٩] قَوْلُهُ (عَنْ أنس إنا أعطيناك الكوثر) أَيْ عَنْ أَنَسٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تعالى إنا أعطيناك الكوثر وَهُوَ عَلَى وَزْنِ فَوْعَلٍ مِنَ الْكَثْرَةِ سُمِّيَ بِهِ النَّهْرُ لِكَثْرَةِ مَائِهِ وَآنِيَتِهِ وَعِظَمِ قَدْرِهِ وَخَيْرِهِ وَالْعَرَبُ تُسَمِّي كُلَّ شَيْءٍ كَثِيرٍ فِي الْعَدَدِ أَوِ الْقَدْرِ وَالْخَطَرِ كَوْثَرًا حَافَتَيْهِ بِتَخْفِيفِ الْفَاءِ أَيْ فِي جَانِبَيْهِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ حَافَتَيِ الْوَادِي وَغَيْرِهِ جَانِبَاهُ وَالْجَمْعُ حَافَّاتٌ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ حَافَّتَاهُ بِالْأَلِفِ عَلَى أَنَّهُ مبتدأ وخيره قباب اللؤلو وَالْقِبَابُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَتَخْفِيفِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ الْأُولَى جَمْعُ قُبَّةٍ وَهُوَ بِنَاءٌ سَقْفُهُ مُسْتَدِيرٌ مُقَمَّرٌ قُلْتُ مَا هَذَا أَيْ مَا هَذَا النَّهْرُ قَالَ هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَهُ اللَّهُ هَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَوْثَرِ فِي قوله تعالى إناأعطيناك الكوثر هُوَ هَذَا النَّهْرُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ سَأَلْتُهَا عَنْ قَوْلِهِ تعالى إنا أعطيناك الكوثر قَالَتْ نَهْرٌ أُعْطِيَهُ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ وَرُوِيَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بِشْرٍ وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير عن بن عَبَّاسٍ قَالَ الْكَوْثَرُ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ

قَالَ أَبُو بِشْرٍ قُلْتُ لِسَعِيدٍ إِنَّ نَاسًا يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ فَقَالَ سَعِيدٌ النَّهْرُ الَّذِي فِي الْجَنَّةِ مِنَ الْخَيْرِ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ

قَالَ الْحَافِظُ هَذَا تَأْوِيلٌ مِنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ جَمَعَ به بين حديثي عائشة وبن عَبَّاسٍ وَحَاصِلُ مَا قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ أن قول بن عَبَّاسٍ إِنَّهُ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ لَا يُخَالِفُ قَوْلَ غَيْرِهِ إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ

لِأَنَّ النَّهْرَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْخَيْرِ الْكَثِيرِ ولعل سعيدا أومأ إلى أن تأويل بن عَبَّاسٍ أَوْلَى لِعُمُومِهِ لَكِنْ ثَبَتَ تَخْصِيصُهُ بِالنَّهْرِ مِنْ لَفْظِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلا معدل عنه

انتهى قال الحافظ بن جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى الْكَوْثَرِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ أَعْطَاهُ اللَّهُ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ ذَكَرَ مَنْ قَالَ بِهِ ثم قال

<<  <  ج: ص:  >  >>