للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ) أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ

قَوْلُهُ (وَبِهِ يَقُولُ أَصْحَابُنَا وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ) فَقَالُوا مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَقَدْ أَدْرَكَ صَلَاةَ الصُّبْحِ وَلَا تَبْطُلُ بِطُلُوعِهَا كَمَا أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَقَدْ أَدْرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ وَلَا تَبْطُلُ بِغُرُوبِهَا وَهُوَ الْحَقُّ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ تَبْطُلُ صَلَاةُ الصُّبْحِ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ لِأَنَّهُ دَخَلَ وَقْتُ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ انْتَهَى قَالَ القارىء فِي الْمِرْقَاةِ بَعْدَ ذِكْرِ كَلَامِ النَّوَوِيِّ هَذَا مَا لَفْظُهُ وَجَوَابُهُ مَا ذَكَرَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي كُتُبِ أُصُولِ الْفِقْهِ أَنَّ الْجُزْءَ الْمُقَارِنَ لِلْأَدَاءِ سَبَبٌ لِوُجُوبِ الصَّلَاةِ وَآخِرُ وَقْتِ الْعَصْرِ وَقْتٌ نَاقِصٌ إِذْ هُوَ وَقْتُ عِبَادَةِ الشَّمْسِ فَوَجَبَ نَاقِصًا فَإِذَا أَدَّاهُ أَدَّاهُ كَمَا وَجَبَ فَإِذَا اعْتَرَضَ الْفَسَادُ بِالْغُرُوبِ لَا تَفْسُدُ وَالْفَجْرُ كُلُّ وَقْتِهِ وَقْتٌ كَامِلٌ لِأَنَّ الشَّمْسَ لَا تُعْبَدُ قَبْلَ طُلُوعِهَا فَوَجَبَ كَامِلًا فَإِذَا اعْتَرَضَ الْفَسَادُ بِالطُّلُوعِ تَفْسُدُ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّهَا كَمَا وَجَبَ فَإِنْ قِيلَ هَذَا تَعْلِيلٌ فِي مُعْرِضِ النَّصِّ قُلْنَا لَمَّا وَقَعَ التَّعَارُضُ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَبَيْنَ النَّهْيِ الْوَارِدِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ رَجَعْنَا إِلَى الْقِيَاسِ كَمَا هُوَ حُكْمُ التَّعَارُضِ وَالْقِيَاسُ رَجَّحَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ وَحَدِيثَ النَّهْيِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَأَمَّا سَائِرُ الصَّلَوَاتِ فَلَا تَجُوزُ فِي الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ الْمَكْرُوهَةِ لِحَدِيثِ النَّهْيِ فِيهَا انتهى كلام القارىء

قُلْتُ مَا ذَكَرَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ مَرْدُودٌ قَدْ رَدَّهُ الْفَاضِلُ اللَّكْنَوِيُّ وَهُوَ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى شَرْحِ الْوِقَايَةِ حَيْثُ قَالَ فِيهِ بَحْثٌ وَهُوَ أَنَّ الْمَصِيرَ إِلَى الْقِيَاسِ عِنْدَ تَعَارُضِ النَّصَّيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِذَا لَمْ يُمْكِنِ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَأَمَّا إِذَا أَمْكَنَ يَلْزَمُ أن يجمع وها هنا الْعَمَلُ بِكِلَيْهِمَا مُمْكِنٌ بِأَنْ يُخَصَّ صَلَاةُ الْعَصْرِ وَالْفَجْرِ الْوَقْتِيَّتَانِ مِنْ عُمُومِ حَدِيثِ النَّهْيِ وَيُعْمَلَ بِعُمُومِهِ فِي غَيْرِهِمَا وَبِحَدِيثِ الْجَوَازِ فِيهِمَا إِلَّا أَنْ يُقَالَ حَدِيثُ الْجَوَازِ خَاصٌّ وَحَدِيثُ النَّهْيِ عَامٌّ وَكِلَاهُمَا قَطْعِيَّانِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مُتَسَاوِيَانِ فِي الدَّرَجَةِ وَالْقُوَّةِ فَلَا يَخُصُّ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ

وَفِيهِ أَنَّ قَطْعِيَّةَ الْعَامِّ كَالْخَاصِّ لَيْسَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ بَيْنَ الْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ وَافَقُوا الشَّافِعِيَّةَ فِي كَوْنِ الْعَامِّ ظَنِّيًّا كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي شُرُوحِ الْمُنْتَخَبِ الْحُسَامِيِّ وَغَيْرِهَا انْتَهَى كَلَامُهُ وَقَالَ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى مُوَطَّأِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ لَا مَنَاصَ عَنْ وُرُودِ أَنَّ التَّسَاقُطَ إِنَّمَا يتعين عند تعذر الجمع وهو ها هنا مُمْكِنٌ بِوُجُوهٍ عَدِيدَةٍ لَا تَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ انتهى كلامه

<<  <  ج: ص:  >  >>