قُلْتُ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ لَا رَيْبَ فِي أن الجمع ها هنا مُمْكِنٌ فَمَعَ إِمْكَانِهِ الْقَوْلُ بِالتَّسَاقُطِ بَاطِلٌ وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ الْفَاضِلُ وَجْهًا لِلْجَمْعِ وَهُوَ وَجْهٌ حَسَنٌ وَنَحْنُ نَذْكُرُ وَجْهًا آخَرَ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ أَحَادِيثَ النَّهْيِ نَاسِخَةٌ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَهِيَ دَعْوَى تَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ فَإِنَّهُ لَا يُصَارُ إِلَى النَّسْخِ بِالِاحْتِمَالِ والجمع ها هنا مُمْكِنٌ بِأَنْ تُحْمَلَ أَحَادِيثُ النَّهْيِ عَلَى مَا سَبَبَ لَهُ مِنَ النَّوَافِلِ وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّخْصِيصَ أَوْلَى مِنَ ادِّعَاءِ النَّسْخِ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ وَهَذَا أَيْضًا جَمْعٌ بِمَا يُوَافِقُ مَذْهَبَ الْحَافِظِ وَالْحَقُّ أَنَّ أَحَادِيثَ النَّهْيِ عَامَّةٌ تَشْمَلُ كُلَّ صَلَاةٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ خَاصٌّ فَيُبْنَى الْعَامُّ عَلَى الْخَاصِّ وَلَا يَجُوزُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ شَيْءٌ مِنَ الصَّلَوَاتِ بِدَلِيلٍ يَخُصُّهُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَسْبَابِ أَوْ غَيْرِهَا قَالَ وَمَفْهُومُ الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ لَا يَكُونُ مُدْرِكًا لِلْوَقْتِ وَأَنَّ صَلَاتَهُ تَكُونُ قَضَاءً وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ وَقَالَ الْبَعْضُ أَدَاءً وَالْحَدِيثُ يَرُدُّهُ قَالَ وَاخْتَلَفُوا إِذَا أَدْرَكَ مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ كَالْحَائِضِ تَطْهُرُ وَالْمَجْنُونِ يَعْقِلُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ يُفِيقُ وَالْكَافِرِ يُسْلِمُ دُونَ رَكْعَةٍ مِنْ وَقْتِهَا هَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ أَمْ لَا وَفِيهِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ أَحَدُهُمَا لَا تَجِبُ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ عَمَلًا بِمَفْهُومِ الْحَدِيثِ وَأَصَحُّهُمَا عَنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا تَلْزَمُهُ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ جُزْءًا مِنَ الْوَقْتِ فَاسْتَوَى قَلِيلُهُ وكثيره وأجابوا عن مفهوم الحديث بأن التقييد بِرَكْعَةٍ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنَ الْبُعْدِ وَأَمَّا إِذَا أَدْرَكَ أَحَدُ هَؤُلَاءِ رَكْعَةً وَجَبَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ بِالِاتِّفَاقِ بَيْنَهُمْ وَمِقْدَارُ هَذِهِ الرَّكْعَةِ قَدْرُ مَا يُكَبِّرُ وَيَقْرَأُ أُمَّ الْقُرْآنِ وَيَرْكَعُ وَيَرْفَعُ وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ
فَائِدَةٌ إِدْرَاكُ الرَّكْعَةِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ لَا يَخُصُّ صَلَاةَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ لِمَا ثَبَتَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ قَالَ الْحَافِظُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ عَهْدِيَّةً وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهَذَا مُطْلَقٌ وَذَاكَ يَعْنِي حَدِيثَ الْبَابِ مُقَيَّدٌ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ انْتَهَى وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ حَدِيثَ الْبَابِ دَلَّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى اخْتِصَاصِ ذَلِكَ الْحُكْمِ بِالْفَجْرِ وَالْعَصْرِ وَهَذَا الْحَدِيثُ دَلَّ بِمَنْطُوقِهِ عَلَى أَنَّ حُكْمَ جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ لَا يَخْتَلِفُ فِي ذَلِكَ وَالْمَنْطُوقُ أَرْجَحُ مِنَ الْمَفْهُومِ فَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ وَلِاشْتِمَالِهِ عَلَى الزِّيَادَةِ الَّتِي لَيْسَتْ مُنَافِيَةً لِلْمَزِيدِ كَذَا فِي النَّيْلِ
قَوْلُهُ (وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَهُمْ لِصَاحِبِ الْعُذْرِ مِثْلُ الرَّجُلِ يَنَامُ عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ يَنْسَاهَا فَيَسْتَيْقِظُ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ ونقل بعضهم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute