غَيْرِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَأَمَّا قَصْدُ غَيْرِ الْمَسَاجِدِ لِزِيَارَةِ صَالِحٍ أَوْ قَرِيبٍ أَوْ طَلَبِ عِلْمٍ أَوْ تِجَارَةٍ أَوْ نُزْهَةٍ فَلَا يَدْخُلُ فِي النَّهْيِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَى أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ وَذَكَرَ عِنْدَهُ الصَّلَاةَ فِي الطُّورِ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا ينبغي للمصلي أن يشد رجاله إِلَى مَسْجِدٍ تُبْتَغَى فِيهِ الصَّلَاةُ غَيْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَمَسْجِدِي
وَشَهْرٌ حَسَنُ الْحَدِيثِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ بَعْضُ الضَّعْفِ
وَمِنْهَا أَنَّ الْمُرَادَ قَصْدُهَا بِالِاعْتِكَافِ فِيمَا حَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ قَالَ لَا يَعْتَكِفُ فِي غَيْرِهَا وَهُوَ أَخَصُّ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي
قُلْتُ فِي هَذِهِ الْأَجْوِبَةِ أَنْظَارٌ وَخَدَشَاتٌ
أَمَّا الْجَوَابُ الْأَوَّلُ مِنْهَا ففِيهِ أَنَّ قَوْلَهُمُ الْمُرَادُ الْفَضِيلَةُ التَّامَّةُ إِنَّمَا هِيَ فِي شَدِّ الرِّحَالِ إِلَى هَذِهِ الْمَسَاجِدِ إِلَخْ خِلَافُ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ
وَأَمَّا لَفْظُ لَا يَنْبَغِي فِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ فَهُوَ خِلَافُ أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ فَقَدْ وَقَعَ فِي عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ لَفْظُ لَا تُشَدُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي التَّحْرِيمِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ لَفْظُ لَا يَنْبَغِي ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ التَّحْرِيمِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ قَالَ الْحَافِظُ بن الْقَيِّمِ فِي أَعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ قَدِ اطَّرَدَ فِي كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ اسْتِعْمَالُ لَا يَنْبَغِي فِي الْمَحْظُورِ شَرْعًا أَوْ قَدَرًا وَفِي الْمُسْتَحِيلِ الْمُمْتَنِعِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا وَقَوْلِهِ وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ وَقَوْلِهِ تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وقوله على لسان نبيه كذبني بن ادم وما ينبغي له وشتمني بن آدَمَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ
وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لِبَاسِ الْحَرِيرِ لَا يَنْبَغِي هَذَا لِلْمُتَّقِينَ انْتَهَى
وَأَمَّا الْجَوَابُ الثَّانِي فَفِيهِ أَنَّ قَوْلَهُمُ النَّهْيُ مَخْصُوصٌ بِمَنْ نَذَرَ عَلَى نَفْسِهِ إِلَخْ فَفِيهِ أَنَّهُ تَخْصِيصٌ بِلَا دَلِيلٍ وَكَذَا فِي الْجَوَابِ الرَّابِعِ تَخْصِيصٌ بِلَا دَلِيلٍ
وَأَمَّا الْجَوَابُ الثَّالِثُ فَفِيهِ أَنَّ قَوْلَهُمُ الْمُرَادُ حُكْمُ الْمَسَاجِدِ فَقَطْ وَأَنَّهُ لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنَ الْمَسَاجِدِ إِلَخْ غَيْرُ مُسَلَّمٍ بَلْ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ الْعُمُومُ وَأَنَّ الْمُرَادَ لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَى مَوْضِعٍ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ فَإِنَّ الاستثناء مفرغ والمثنى مِنْهُ فِي الْمُفَرَّغِ يُقَدَّرُ بِأَعَمِّ الْعَامِّ نَعَمْ لَوْ صَحَّ رِوَايَةُ أَحْمَدَ بِلَفْظِ لَا يَنْبَغِي لِلْمُصَلِّي أَنْ يَشُدَّ رِحَالَهُ إِلَى مَسْجِدٍ إِلَخْ لَاسْتَقَامَ هَذَا الْجَوَابُ لَكِنَّهُ قَدْ تَفَرَّدَ بِهَذَا اللَّفْظِ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ وَلَمْ يَزِدْ لَفْظَ مسجد أحد غيره فما أَعْلَمُ وَهُوَ كَثِيرُ الْأَوْهَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الحافظ بن حَجَرٍ فِي التَّقْرِيبِ
فَفِي ثُبُوتِ لَفْظِ مَسْجِدِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَلَامٌ فَظَاهِرُ الْحَدِيثِ هُوَ الْعُمُومُ وَأَنَّ الْمُرَادَ لَا يَجُوزُ السَّفَرُ إِلَى مَوْضِعٍ لِلتَّبَرُّكِ بِهِ وَالصَّلَاةِ فِيهِ إِلَّا إِلَى ثلاثة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute