للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْحَاصِلُ أَنَّ رِوَايَةَ مُسْلِمٍ وَأَحْمَدَ بِلَفْظِ بَيْنَمَا أَنَا أُصَلِّي صَحِيحَةٌ مَحْفُوظَةٌ وَهِيَ نَصٌّ صَرِيحٌ فِي شُهُودِ أَبِي هُرَيْرَةَ قِصَّةَ ذِي الْيَدَيْنِ وَلَيْسَ لِمَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ جَوَابٌ شَافٍ عَنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ

وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ قَدِ اسْتَدَلُّوا عَلَى عَدَمِ شُهُودِ أَبِي هُرَيْرَةَ قِصَّةَ ذِي الْيَدَيْنِ بِثَلَاثَةِ وُجُوهٍ ذَكَرَهَا النِّيمَوِيُّ فِي آثَارِ السُّنَنِ وَكُلُّهَا مَخْدُوشَةٌ وَاهِيَةٌ فَلَنَا أَنْ نَذْكُرَهَا ها هنا مَعَ بَيَانِ مَا فِيهَا مِنَ الْخَدْشَةِ

فَقَالَ النِّيمَوِيُّ وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِثَلَاثَةِ وُجُوهٍ أَحَدُهَا أن بن عُمَرَ نَصَّ بِأَنَّ إِسْلَامَ أَبِي هُرَيْرَةَ كَانَ بعد ما قُتِلَ ذُو الْيَدَيْنِ

أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ فِي مَعَانِي الْآثَارِ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ عن نافع عن بن عُمَرَ أَنَّهُ ذَكَرَ لَهُ حَدِيثَ ذِي الْيَدَيْنِ فقال كان إسلام أبي هريرة بعد ما قُتِلَ ذُو الْيَدَيْنِ انْتَهَى

قُلْتُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ ضَعِيفَةٌ مُنْكَرَةٌ مُخَالِفَةٌ لِرِوَايَاتِ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا تَفَرَّدَ بِهَا عَبْدُ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ ضَعِيفٌ عَابِدٌ وَقَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي الْعِلَلِ الْكَبِيرِ عَنِ الْبُخَارِيِّ ذَاهِبٌ لَا أَرْوِي عَنْهُ شَيْئًا وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يُضَعِّفُهُ انْتَهَى

وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ صدوق في حفظه شيء

وقال بن المديني عبد الله ضعيف وقال بن حِبَّانَ كَانَ مِمَّنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الصَّلَاحُ وَالْعِبَادَةُ حَتَّى غَفَلَ عَنْ حِفْظِ الْأَخْبَارِ وَجَوْدَةِ الْحِفْظِ لِلْآثَارِ فَلَمَّا فَحَشَ اسْتَحَقَّ التَّرْكَ انْتَهَى

فَالِاسْتِدْلَالُ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ الضَّعِيفَةِ الْمُنْكَرَةِ عَلَى عَدَمِ شُهُودِ أَبِي هُرَيْرَةَ قِصَّةَ ذِي الْيَدَيْنِ لَيْسَ بِشَيْءٍ

قَالَ النِّيمَوِيُّ فِي تَصْحِيحِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ الضَّعِيفَةِ الْمُنْكَرَةِ مَا لَفْظُهُ رِجَالُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ إِلَّا الْعُمَرِيَّ فَاخْتُلِفَ فِيهِ

قَوَّاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الأئمة وضعفه النسائي وبن حبان وغيرها مِنَ الْمُتَشَدِّدِينَ وَتَبِعَهُمُ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ وَقَالَ ضَعِيفٌ وَأَعْرَضَ عَنْ أَعْدَلِ مَا وُصِفَ بِهِ خِلَافًا لِمَا وَعَدَهُ فِي دِيبَاجَتِهِ وَأَحْسَنُ شَيْءٍ مَا قَالَهُ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ صَدُوقٌ فِي حِفْظِهِ شَيْءٌ انْتَهَى

قُلْتُ لَوْ سُلِّمَ أَنَّ أَحْسَنَ شَيْءٍ هُوَ مَا قَالَهُ الذَّهَبِيُّ فَلَا شَكَّ أَنَّ الْعُمَرِيَّ فِي حِفْظِهِ شَيْءٌ وَحَدِيثُهُ هَذَا مُخَالِفٌ لِأَحَادِيثِ الصَّحِيحَيْنِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى شُهُودِ أَبِي هُرَيْرَةَ قِصَّةَ ذِي الْيَدَيْنِ فَهُوَ مُنْكَرٌ غَيْرُ مَقْبُولٍ

وَلْيُعْلَمْ أَنَّ النِّيمَوِيَّ جَعَلَ بن حبان ها هنا مِنَ الْمُتَشَدِّدِينَ فَإِنَّهُ ضَعَّفَ الْعُمَرِيَّ وَجَعَلَهُ فِي بَحْثِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ مِنَ الْمُتَسَاهِلِينَ فَإِنَّهُ وَثَّقَ نَافِعَ بْنَ مَحْمُودٍ أَحَدَ رُوَاةِ حَدِيثِ القراءة خلف الامام حيث قال وأما بن حِبَّانَ فَهُوَ مِنَ الْمُتَسَاهِلِينَ انْتَهَى

<<  <  ج: ص:  >  >>