للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ لْيُعْلَمْ أَنَّ مِنْ عَادَةِ النِّيمَوِيِّ أَنَّهُ إِذَا اخْتَلَفَ أَقْوَالُ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ فِي رَاوٍ وَيَكُونُ الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ مُفِيدًا لَهُ يَذْكُرُهُ ثُمَّ يَقُولُ هَذَا أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ فِيهِ لِمَا وَعَدَ الْحَافِظُ فِي دِيبَاجَةِ التَّقْرِيبِ مِنْ أَنَّهُ يَحْكُمُ عَلَى كُلِّ رَاوٍ بِأَعْدَلِ مَا وُصِفَ بِهِ وَأَمَّا إِذَا لَا يَكُونُ قَوْلُهُ مُفِيدًا لَهُ فَيَذْكُرُهُ ثُمَّ يَقُولُ أَعْرَضَ الْحَافِظُ عَنْ أَعْدَلِ مَا وُصِفَ بِهِ خِلَافًا لِمَا وَعَدَ فِي دِيبَاجَتِهِ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ ثُمَّ ذَكَرَ النِّيمَوِيُّ الْوَجْهَ الثَّانِيَ مِنَ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ فَقَالَ وَثَانِيهِمَا أَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ هُوَ ذُو الشِّمَالَيْنِ وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِوُجُوهٍ مِنْهَا مَا رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ذَا الشِّمَالَيْنِ مَكَانَ ذِي الْيَدَيْنِ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ

وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ الْبَزَّارُ والطبراني في الكبير عن بن عَبَّاسٍ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثًا ثُمَّ سَلَّمَ فَقَالَ لَهُ ذُو الشِّمَالَيْنِ أَنُقِصَتِ الصَّلَاةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ كَذَلِكَ يَا ذَا الْيَدَيْنِ قَالَ نَعَمْ فَرَكَعَ رَكْعَةً وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ

ثُمَّ ذَكَرَ النِّيمَوِيُّ أَقْوَالَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ كَابْنِ سَعْدٍ وَغَيْرِهِ ثُمَّ قَالَ فَثَبَتَ بِهَذِهِ الْأَقْوَالِ أَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ وَذَا الشِّمَالَيْنِ وَاحِدٌ وَقَدِ اتَّفَقَ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَالسِّيَرِ أَنَّ ذَا الشِّمَالَيْنِ اسْتُشْهِدَ بِبَدْرٍ انْتَهَى كَلَامُ النِّيمَوِيِّ

قُلْتُ اسْتِشْهَادُ ذِي الشِّمَالَيْنِ بِبَدْرٍ مُسَلَّمٌ وَأَمَّا أَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ هُوَ ذُو الشِّمَالَيْنِ الَّذِي قُتِلَ بِبَدْرٍ فَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ بَلِ الْحَقُّ وَالصَّوَابُ أَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ غير ذي الشمالين

قال الحافظ بن حَجَرٍ فِي الْفَتْحِ وَقَدِ اتَّفَقَ مُعْظَمُ أَهْلِ الْحَدِيثِ مِنَ الْمُصَنِّفِينَ وَغَيْرِهِمْ عَلَى أَنَّ ذَا الشِّمَالَيْنِ غَيْرُ ذِي الْيَدَيْنِ وَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ فِي اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ انْتَهَى

وَقَالَ الْحَافِظُ بَعْدَ وَرَقَةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّوَابَ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ ذِي الْيَدَيْنِ وَذِي الشِّمَالَيْنِ انْتَهَى وَأَمَّا رِوَايَةُ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظِ ذِي الشِّمَالَيْنِ مَكَانَ ذِي الْيَدَيْنِ وَكَذَا بَعْضُ الرِّوَايَاتِ الْأُخْرَى الَّتِي وَقَعَ فِيهَا لَفْظُ ذِي الشِّمَالَيْنِ مَكَانَ ذِي الْيَدَيْنِ فَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِعَامَّةِ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ فَلَا اعْتِدَادَ بِهَا

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ وَهِمَ الزُّهْرِيُّ فِي قَوْلِهِ ذُو الشِّمَالَيْنِ وَإِنَّمَا هُوَ ذُو الْيَدَيْنِ وَذُو الشِّمَالَيْنِ تَقَدَّمَ مَوْتُهُ فِي مَنْ قُتِلَ بِبَدْرٍ وَذُو الْيَدَيْنِ بَقِيَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يُقَالُ انْتَهَى

وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَذُو الشِّمَالَيْنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ بَدْرٍ هَكَذَا ذَكَرَهُ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَسَائِرُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْمَغَازِي انْتَهَى وَقَالَ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ شَهِدَ قِصَّةَ ذِي الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ وَحَضَرَهَا كَمَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي لَفْظٍ بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ

قَالَ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ إِسْلَامَ أَبِي هُرَيْرَةَ كَانَ عَامَ خَيْبَرَ سَنَةَ سَبْعٍ بَعْدَ بَدْرٍ بِخَمْسِ سِنِينَ انْتَهَى

وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ فِي الرَّوْضِ الْأُنُفِ رَوَى الزُّهْرِيُّ حَدِيثَ التَّسْلِيمِ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَقَالَ فِيهِ فَقَامَ ذُو الشِّمَالَيْنِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ هَكَذَا إِلَّا الزُّهْرِيَّ وَهُوَ غَلَطٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَإِنَّمَا هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>