وقد أشار صاحب لآلىء البيان إلى كيفية أداء الغنة مع حكم ألف المد بقوله:
... ... وتتبع ما قبلها الألِفْ ... والعكس في الغنِّ أُلِفْ
كما أشار صاحب السلسبيل الشافي إلى أداء الغنة بقوله:
وفخِّم الغُنَّة إن تلاها ... حروفُ الاستعلاءِ لا سواها
[القول في تثبيت حروف الغنة في مخرجها أو نقلها إلى مخرج غيرها]
المسألة السابعة: في القول في تثبيت حروف الغنة في مخرجها أو نقلها إلى مخرج غيرها:
سبق أن ذكرنا في آخر مخارج الحروف بعض ما قاله أئمتنا فيما يخرج من الخيشوم. وما قالوا يخرج من الخيشوم النون والميم الساكنتان حال الإخفاء أو الإدغام بالغنة. وزاد بعضهم على ذلك النون والميم المشددتين. وقالوا إن مخرج كل من النون والميم في هذه الأحوال يتحول من مخرجه الأصلي الذي هو طرف اللسان بالنسبة للنون وبين الشفتين بالنسبة للميم إلى الخيشوم على الصحيح وخص بعضهم النون المخفاة بالتحول من طرف اللسان إلى الخيشوم دون الميم.
وأما خروج النون من طرف اللسان والميم من بين الشفتين ففي حالة إسكانهما مع الإظهار أو تحريكهما.
هذا مضمون قولهم في هذا المقام في كثير من المراجع التي بيدي.
ونقول: إن الحق الذي يجب أن يُتبع في هذه المسألة ويشهد له النطق الصحيح هو أن مخرج كل من النون والميم المشددتين وكذلك النون الساكنة والتنوين في حال إدغامهما في النون وكذلك الميم الساكنة المدغمة في مثلها أو المخفاة لدى الباء سواء كانت أصلية أو مقلوبة من النون الساكنة والتنوين لا يتحول إلى الخيشوم بل يظل ثابتاً في مخرجه الأصلي الذي هو طرف اللسان بالنسبة للنون والتنوين وبين الشفتين بالنسبة للميم. ومن قال بخلاف ذلك فقد نازع في شيء محسوس قد حدده النطق. وأما النون الساكنة والتنوين في حال إدغامهما بالغنة في حروف (ينمو) غير النون كما تقدم فينتقل مخرجهما من طرف اللسان إلى مخرج المدغم فيه نفسه وليس إلى الخيشوم ويؤيد ذلك ما هو مقرر في أن الإدغام في غير المثلين بشرطه يستلزم إبدال المدغم من جنس المدغم فيه وخروج الأول من مخرج الثاني وتصييره حرفاً واحداً مشدداً كما تقدم في تعريف الإدغام. فإذا أدغمنا النون الساكنة والتنوين في الميم نجد أن مخرجهما قد تحول من طرف اللسان إلى مخرج المدغم فيه وهو الميم وإذا أدغمناهما في الواو والياء نجد أن مخرجهما قد تحول من طرف اللسان أيضاً إلى مخرج المدغم فيه (الواو والياء) وهنا نجد أن النون الساكنة والتنوين في حال إدغامهما في الميم والواو كان مخرجهما من الشفتين. وفي حال إدغامهما في الياء كان مخرجهما من وسط اللسان وهذا واضح من النطق بأدنى تأمل.
وأما في حالة إخفائهما الأصلي فلا ينتقلان إلى الخيشوم ولا يستقران في طرف اللسان الذي هو مخرجهما الأصلي بل ينطق بهما قريبين من مخرج الحرف الذي يخفيان عنده من غير أن يبدلا من جنسه كما في الإدغام لأن الإبدال حينئذ يأتي بالتشديد. والإخفاء لا تشديد معه وهذا هو مقتضى عبارة تعريف الإخفاء السابقة التي تقول الإخفاء هو عبارة عن النطق بحرف ساكن خال من التشديد على صفة بين الإظهار والإدغام مع بقاء الغنة في الحرف الأول. والمراد به هنا النون الساكنة والتنوين. فوجود الغنة في الحرف الأول مع النطق به ساكناً غير مشدد بين صفتي الإظهار والإدغام يتطلب نقل النون الساكنة والتنوين من طرف