ثم قال بعد ذلك - وخرج - أي الشيخ أبو الحسن - رحمه الله تعالى - قافلاً إلى بلاده يوم الخميس الواحد والعشرين من صفر وودعناه وأدعناه الدعاء. وأودعنا وكان رضي الله عنه كثير الحج قلما يخلو له عام من حج مع أنه فقير لا مال له انتهى كلام العلامة العياشي ملخصاً.
قلت: ويوخذ من كلام العلامة العياشي في رحلته الذي ذكرناه أن العلامة الشيخ أبا الحسن المترجم له كان كثير الحج والترداد على مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرئ الناس أيام إقامته بالمدينة المنورة وكان يؤم الناس في الصلاة وأنه كان من أعيان علماء القرن الحادي عشر الهجري ولم نعثر له على تاريخ وفاته رحمه الله تعالى رحمة واسعة ورحمنا معه بمنه وكرمه آمين.
أهـ ملخصاً من كتاب "الرحلة العياشية" الجزء الأول ص (٣١٤ - ٣١٩) تقدم.
[٩٣- الإمام العلامة أبو الحسن السخاوي.]
الإمام العلامة أبو الحسن السخاوي:
هو علي بن محمد بن عبد الصمد بن عبد الأحد بن عبد الغالب بن عطاس الإمام العلامة علم الدين أبو الحسن الهمذاني السخاوي المقرئ المفسر النحوي اللغوي الشافعي شيخ مشايخ الإقراء بدمشق. ولد سنة ثمان أو تسع وخمسين وخمسمائة بسخا من عمل مصر وسمع بإسكندرية من السلفي وأبي طاهر بن عوف وبمصر من عساكر بن علي والبوصيري وابن ياسين وغيرهم. قرأ القراءات بالديار المصرية على ولي الله أبي القاسم الشاطبي وبه انتفع وعلى أبي الجواد وأبي الفضل محمد بن يوسف الغزنوي وعساكر بن علي ثم رحل إلى دمشق فقرأ القراءات الكثيرة على أبي اليمن الكندي وأخذ عنه النحو واللغة والأدب وروى كتاب المصباح لأبي الكرم الشهرزوري بقراءته عن داود بن أحمد بن محمد البغدادي عن المؤلف سماعاً وسمع من القاسم بن عساكر وحنبل بن عبد الله وغيرهم. وكان إماماً علامة محققاً مقرئاً مجوداً بصيراً بالقراءات وعللها إماماً في النحو واللغة والتفسير والأدب. أتقن هذه العلوم إتقاناً بليغاً وليس في عصره من يلحقه فيها وكان مع ذلك ديناً خيراً متواضعاً مطرح التكليف حلو المحاضرة حسن النادرة حاد القريحة من أذكياء بني آدم وافر الحرمة كبير القدر ليس له شغل إلا