القول الثاني: أن المراد من الحرفين المتقاربين هو التقارب المناسب سواء أكانا من عضو واحد مثل الشين المعجمة والسين المهملة في نحو {ذِي العرش سَبِيلاً}[الإسراء: ٤٢] ونحو الدال المهملة مع الشين المعجمة في نحو {قَدْ شَغَفَهَا}[يوسف: ٣٠] وكذلك التاء المثناة فوق مع الثاء المثلثة في نحو {كَذَّبَتْ ثَمُودُ}[الشعراء: ١٤١] أم كانا من عضوين مثل النون مع كل من الواو والميم في نحو {مِن وَلِيٍّ}[الرعد: ٣٧]{مِّن مَّالِ الله}[النور: ٣٣] . ويمكن أخذ هذا القول من تعريف المتقاربين في إحدى صوره المتقدمة التي هي التقارب في الصفة دون المخرج. وهذا القول هو أرجح من الأول بل وأرجح الأقوال الواردة في هذه المسألة التي اضطربت فيها كتب التجويد في القديم والحديث إذ بمقتضى القول الأول أنه لا يجوز إدغام شيء من الأمثلة التي أوردناها في القول الثاني لوجود فاصل بين كل من مخرجي الحرفين المذكورين في أمثلته فقد فصل بمخرج واحد بين التاء المثناة فوق والثاء المثلثة في نحو {كَذَّبَتْ ثَمُودُ}[الشمس: ١١] المثال المذكور وبأكثر من مخرج في باقي الأمثلة. ومع هذا فقد ورد أدغامها في المتواتر في أكثر من قراءة في الأمثلة الثلاثة الأولى وبالإجماع في الرابع والخامس اي في النون مع كل من الواو والميم. ومن المقرر أن المسوغ للإدغام واحد من ثلاثة، التماثل أو التقارب أو التجانس. وحد التماثل والتجانس لا يصدق على الأمثلة المذكورة في القول الثاني. بقي من المسوغ التقارب وبه جاز الإدغام فيها. ومن ثم كان المراد من التقارب هو التقارب النسبي لما ذكرنا وكان هو أرجح الأقوال الواردة في هذه المسألة والتي تركنا ذكرها خوف التطويل. إذ ما ذكرنا هو أهم ما فيها.
هذا: ومما ينبغي معرفته أن كل حرفين صح إدغامهما سواء أكان الإدغام