عجمي المرصفي بلداً ومولداً، المصري وطناً الشافعي مذهباً، الأزهري تربية، لما تشرفت بتدريس علم التجويد بالمدارس القرآنية كمدرسة مدينة تاجوراء وترهونة وغيرهما من المدن الليبية إلى جانب قيامي بمواجب إلقاء دروس الوعظ والإرشاد بالجامعة الإسلامية بإقليم طرابلس الغرب بليبيا آنذاك، رأيت أن من الواجب عليَّ نحو القرآن الكريم، وأحكام تلاوته أن أكتب كتاباً في فن تجويد القرآن متوخياً فيه سهولة الأسباب ووضوح المعنى وبسط الموضوع، وتقريب البعيد، وتجنب التعقيد، ليكون للمبتدئين تبصرة، وللمنتهين تذكرة، وقد قيدت جل مسائله بشواهد من المنظوم تضمنت ما جاء في المتنين المباركين متن المقدمة الجزرية للحافظ ابن الجزري ومتن تحفة الأطفال للعلامة الشيخ سليمان الجمزوري وغيرهما من المتون المعمول عليها في هذا الشأن. ومما أخذته عن شيوخي بالأزهر المعمور حالة الأداء ليعم النفع به ويسهل الاغتراف منه، فليس بالطويل الممل، ولا بالقصير المخل، فجاء بحمد الله كتاباً وافياً بالمقصود منه، جامعاً للفوائد المتعلقة بموضوعه، ولم أدخر جهداً في تنقيحه وتهذيبه وتحريره وتقريبه. تيسيراً لطلابه، ومع هذا فإني معترف بالتقصير أمام الأثبات النحارير، ولا أدَّعي السلامة فيه من العيوب؛ لأنه لا كمال إلا لله وحده علاَّم الغيوب، ولا عصمة إلا للأنبياء الكرام عليهم الصلاة والسلام، ولما فتح الله عليَّ بإتمام كتابته سميته آنذاك "طريق المريد إلى علم التجويد".
ثم إنني لما شرفتني العناية الإلهية بابتعاثي إلى "كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية" إحدى كليات الجامعة الإسلامية بطيبة مدينة رسول الله المنورة الزكية. على ساكنها أفضل الصلاة وأسنى التحية، لأقوم فيها بتدريس العشر القراءات على ما تواترت به الروايات، وما يتبعها من علوم فواضل كعلمي الرسم والضبط وعلم الفواصل "عد الآي" وكان إحكام هذه الأحكام متوقفاً على دراسة علم التجويد، الذي هو حق الله على العبيد إذا ذكروه بتلاوة القرآن المجيد، أعدت النظر في هذا المصنَّف وأجريْتُ عليه قلم التنقيح ليوافق مستوى طلاب الجامعة من الإجمال والتوضيح، والكناية والتصريح، والزيادة والإفادة فجاء - والفضل لله وحده - درة يتيمة في بابه، فريداً في استيعابه، في إيجازه وإطنابه.