وبهذه الأحكام التي ذكرت في حالات القصر الثلاث المذكورة آنفاً قرأت وبها آخذ قراءة وإقراء.
هذا ولا يجوز لأحد مَّا أن يقرأ بهذه الأحكام أخذاً من هذا الكتاب أو من غيره مما دُون فيه مثل ذلك دون أن يرجع إلى الشيوخ المقرئين المسندين في هذا الشأن، فيأخذ عنهم ويعرض عليهم القرآن الكريم من أوله إلى آخره سواء كان بحالة من هذه الحالات أو بالحالات الثلاث كلها أو برواية حفص كاملة من طريق الطيبة. وعليه فلا بد من الرجوع إلى التلقي من أفواه الشيوخ الذي هو الأصل في نقل القرآن الكريم.
وما تسطير قواعد هذا الفن في بطون الأسفار القديم منها والحديث إلا للاستئناس بها والرجوع إليها عند الحاجة، وأما إحكام النطق بألفاظ القرآن الكريم فمردُّه أولاً وآخراً إلى المشافهة والأخذ من أفواه المتقنين من مشايخ الإقراء.
وبهذا انقضى كلامنا على الحالات الثلاث التي أردنا ذكرها من حالات القصر في المنفصل لحفص من طريق طيبة النشر وقد علمت ما يجب عليها أو على القصر بالأحرى من أحكام لا يسع أحد أن ينفلت منها أو يزيغ عنها متى اختار أن يقرأ رواية حفص عن عصام بقصر المنفصل، كما تقدم بيان وجوب نظائرها على من يختار الرواية عن حفص بإشباع المتصل ولا ريب أن هناك أحكاماً أخرى تأتي لحفص على قصر المنفصل وإشباع المتصل من الطريق المذكور آنفاً. وإنما لم نذكرها لأننا لم نرد استقصاءها هنا لأن هذا المقام تغني فيه الإشارة عن العبارة. وإنما أردت أن أبين للقارىء إلى أي حد يخطىء أولئك الذين يطلقون الوجوه للناس فيعملون بها حال الأداء من غير توقيف ولا حساب "ويحسبون أنهم على الحق" فيزل بزلتهم خلق كثير فيقعون في المحظور الذي هو بذاته الكذب في الرواية والتركيب في الطرق وهو ممنوع لا يجوز بحال فإن الأصل في قراءة القرآن هو التلقي والرواية لا الاجتهاد ولا القياس ولله در شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى حيث أفتى بعدم جواز القراءة بمجرد الرأي وساق لذلك أدلة كثيرة من كلام السلف وقال كما قال زيد بن ثابت القراءة سنة