هذا: ولعل الدكتور محيسن لا يلهينه قول العلامة النويري عن القراءة بخلط الطرق أو تركيبها فيما تقدم أنه "حرام أو مكروه أو معيب" فيتعلل به ويتوكأ عليه متوهماً أن النويري بهذا يتردد في القطع بحرمته فإنه ليس من هذا الباب وإلا فإنه لو كان مراده تأرجح الحكم بين هذه الثلاثة "التحريم والكراهة، والعيب" من غير ترجيح التحريم على الأقل إن لم يكن القطع به عنده لما أثبت قوله بالتحريم ألبتة ولمحاه أصلاً حتى لا يؤثر عنه. وإلا فقد ذكر العلامة القسطلاني شارح البخاري عقبه فيه ما فيه وقد تقدم حكايته عنه ثم يقال لقد دلت قرائن الحال على أن العلامة النويري إنما يعنى بقوله ذاك التحريم ليس إلا: فإنه رحمه الله تعالى كان من أئمة القراءة ولم يؤثر عنه القول بجواز التركيب في القراءة ولا الترخيص فيه وهذه كتبه مخطوطة بين أيدينا فأين فيها النص على ذلك؟ وهذا أولاً: ثم يقال أرأيت إن كان كلام العلامة النويري وهو تلميذ الحافظ ابن الجزري رحمه الله تعالى متوجهاً إلى عدم القطع بحرمة هذا الخلط والتركيب في القراءة أفكان يفهم منه العلامة الضباع عدم الجواز فينص عليه ويصرح به وهو مَنْ هو جلاء ونبلاً وعلماً وفضلاً اللهم: لا ولو فرضنا جدلاً جرياً مع أوهام المتوهم أن العلامة النويري عنى بعبارته تلك النص على تعييب خلط القراءة وتركيب الطرق وأنه هو الذي استقر حكمه عليه واطمأن قلبه إليه فهل يظن بإمام كبير كالنويري - رحمه الله تعالى - أن يدل الناس على ما تقضى قواعد الشرع وصحة النظر وجوامع الأصول عنده أنه معيب اللهم لا: وإلا فأين الورع وأين الحياء؟
ولهذا كله فقد قطع الإمام مصطفى بن عبد الرحمن الإزميري رحمه الله تعالى بأن حكم التركيب التحريم وجعل الاحتراز عنه باعثه على تأليف كتابه "عمدة العرفان في تحرير أوجه القرآن" فقال في سبب تأليفه وجمع ما فيه من الطرق: ( ... احترازاً عن التركيب لأنه حرام في القرآن على سبيل الرواية أو مكروه كراهة