بلفظه فإنه تحكم بغير دليل وتخصيص بغير مخصص وكأنه تبع في ذلك جماعة من المحدثين لم يحققوا المسألة كصاحب "العقد الفريد" فإنه قال: (أن المفتوحة مع لم الجازمة فتقطع عنها في موضعين: {ذلك أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ}[الآية: ١٣١] في الأنعام، و {أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ}[الآية: ٧] في البلد) . انتهى منه بلفظه وصاحب "العميد" فإنه قال: ("أن" بفتح الهمزة وسكون النون مع لم في {ذلك أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ}[الآية: ١٣١] بالأنعام {أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ}[الآية: ٧] بالبلد ولا يوجد غيرهما في القرآن أهـ منه بلفظه.
وهذا الذى ذكروه خطأ واضح لا يخفى. وإلا فإن جميع من تعرض لذلك ممن كتب في التجويد والقراءات في القديم والحديث من أئمة هذا الشأن ومحققيه لم يدَّع حصر الكلمات في هذا المقام وإنما اكتفى فيها بالمثال للاستدلال دون دعوى الاستقصاء أو إبهام الإحصاء. وإليك طائفة من أقوالهم رحمهم الله تعالى:
قال الحافظ أبو عمرو الداني في المقنع "وكتب في جميع المصاحف "أن لم" بفتح الهمزة و"إن لم" بكسرها بالنون حيث وقع إلا الحرف الذي في هود وقد ذكرناه" أهـ منه بلفظه وقوله هنا "بالنون" أي بالقطع: وقوله إلا الحرف الذي في هود إلخ يريد "إن لم" بكسر الهمزة في قوله تعالى: {فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ}[هود: ١٤] فإنه موصول أي رسم بغير نون وقد ذكر هذا الموضع في فصل سابق على هذا وسنذكره بعد ذلك إن شاءالله.
وقال الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية عطفاً على القطع المتفق عليه "وأن لم المفتوح" فأطلقه ولم يخصصه وأطلقه كذلك في النشر بدون تخصيص. كما أطلقه الإمام الشاطبي رحمه الله في العقيلة