ما رأيت بعيني هاتين أصدق لهجة من الكسائي وقال الشافعي رحمه الله: من أراد أن يتبحر في النحو فهو عيال على الكسائي. وقال الفضل بن شاذان: لما عرض الكسائي على حمزة خرج إلى البدو فشاهد العرب وأقام عندهم حتى صار كواحد منهم ثم دنا الحضر وقد علم اللغة.
وقال أبو بكر الأنباري: اجتمعت في الكسائي أمور كان أعلم الناس بالنحو وأوحدهم في الغريب وكان أوحد الناس في القرآن فكانوا يكثرون عليه حتى لا يضبط الأخذ عليهم فيجمعهم ويجلس على كرسي ويتلو القرآن من أوله إلى آخره وهم يسمعون ويضبطون عنه حتى المقاطع والمبادي.
ويقول ابن الدورقي: اجتمع الكسائي واليزيدي عند الرشيد فحضرت صلاة فقدموا الكسائي يصلي فارتج عليه قراءة: {قُلْ يا أيها الكافرون}[الكافرون: ١] فقال اليزيدي قراءة: {قُلْ يا أيها الكافرون}[الكافرون: ١] ترتج على قارئ الكوفة قال فحضرت صلاة فقدموا اليزيدي فارتج في الحمد فلما سلم قال:
احفظ لسانك لا تقول فتبتلى ... إن البلاء موكل بالمنطق
واختلف في تسميته بالكسائي فروى أنه سئل عن ذلك فقال: لأني أحرمت في كساء وقيل لأنه كان يتشح بكساء ويجلس في حلقة حمزة فيقول: اعرضوا علي صاحب الكساء.
وقد ألف من الكتب: كتاب معاني القرآن، كتاب القراءات، كتاب العدد، كتاب النوادر الكبير والأوسط والصغير وكتاباً في النحو، كتاب الهجاء، كتاب مقطوع القرآن وموصوله وغيرها.
واختلف في تاريخ موته فالصحيح الذي أرخه غير واحد من العلماء والحفاظ سنة تسع وثمانين ومائة صحبه هارون الرشيد بقرية رنبويه من عمل الري متوجهين إلى خراسان ومات معه بالمكان المذكور محمد بن الحسن القاضي صاحب أبي حنيفة فقال الرشيد: دفنا الفقه والنحو بالري، وقيل سنة إحدى وثمانين وقيل سنة اثنتين وثمانين وقيل سنة ثلاث وثمانين وقيل سنة خمس وثمانين وقيل سنة ثلاث وتسعين.
قال الحافظ أبو العلاء الهمذاني: بلغني أن الكسائي عاش سبعين سنة ورثاه