للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أيضًا بعد أن ضرب عدة أمثلة للاستغاثات التي يأتي بها بعض الناس: "اعلموا أيها المسلمون، يا أيها الحنفيون، هداني الله وإياكم، أنَّ هذه الكلمات كلُّها شرك وكفر وضلال في الدين الإسلامي، والشرع المحمدي، والمذهب الحنفي، بل والمذاهب الأربعة إجماعًا، وقائلها مشرك لا تصحّ صلاته، ولا صيامه، ولا حجّه، ولا إمامته، إلَاّ إذا تاب وآمن وأعلن توبته كما أشهر شركه.

ولا شك أن كون تلك الكلمات شركًا وكفرًا وضلالاً ثابت بالكتاب والسنة وإجماع الأئمة من الصحابة والتابعين والسلف الصالحين، كما هو مصرّح به في الكتب الحنفية المعتبرة كافة، وكذا معتبرات مذهب الشافعية والمالكية والحنابلة.

لا شك أنّ نداء الميت سواء كان قريبًا أو بعيدًا ولو نبيًا يستلزم اعتقاد سماع الميت نداء المنادي وخصوصًا البعيد النائي.

وطلب الإمداد منه يستلزم اعتقاد أنه يعلم الغيب، وأنه يقدر على التصرف، والدفع والمنع، وخصوصًا إذا كرّر وأكّد النداء والطلب، فإنه لا يبقى للتأويل محل. وذلك كفر صريح وشرك قبيح.

والمتصرف والقادر على كل شيء وعالم الغيب هو الله تعالى وحده لا شريك له، والله سبحانه وتعالى هو الرب وحده، وأما سائر المخلوقات إنسيًا وجنيًا ووليًا ونبيًا فكلهم مخلوق ومربوب ومحتاج إلى تربية الرب الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، فإياه نعبد وإياه نستعين، فالاستعانة من الأموات وأهل القبور

والأرواح - أيًا كان المستعان به ولو نبيًا- من شعائر المشركين من المجوس والبراهمة والبوذيين والصابئة والمنجمين" (١).

وقال أيضًا: "والمسلم لا يطلب حاجته من غير الله، فإن من طلب حاجته من ميت أو غائب فقد فارق الإسلام، وممن صرّح بهذه المسألة من علمائنا الحنفية صاحب الفتاوى البزازية، والعلامة صنع الله الحلبي المكي، وصاحب البحر الرائق، وصاحب الدر المختار، وصاحب ردّ المحتار، والعلامة قاسم بن قطلوبغا، والعلامة بير علي البركوي صاحب الطريقة المحمدية، وأبو سعيد الخادمي، ومولوي عبد الحي اللكنوي في فتاويه كما أسلفته، وغيرهم من المحققين يرحمهم الله تعالى أجمعين وجعلنا من زمرتهم آمين.

وكذا ممن صرّح به من علمائنا الحنفية العلامة السيد أحمد الطحطاوي في حاشيته على الدر المختار، ومنهم العلامة أحمد الرومي الأقحصاري فإنه صرّح في رسالة القبور كما في المفيد ...


(١) المصدر السابق (ص: ١٤ - ١٥).

<<  <   >  >>