للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال أيضًا: "واعلم أنّ سؤال الله عز وجل دون خلقه هو المتعين؛ لأنّ السؤال فيه إظهار الذل من السائل والمسكنة والحاجة والافتقار، وفيه الاعتراف بقدرة المسؤول على رفع هذا الضر ونيل المطلوب وجلب المنافع ودرء المضار، ولا يصلح الذل والافتقار إلا الله وحده، لأنه حقيقة العبادة" (١).

• وقال ابن النحاس الشافعي (المتوفى:٨١٤): "ومنها إيقادهم السرج عند الأحجار والأشجار والعيون والآبار، ويقولون: إنها تقبل النذر، وهذه كلها بدع شنيعة ومنكرات قبيحة تجب إزالتها ومحو أثرها، فإن أكثر الجهال يعتقدون أنها تنفع وتضر وتجلب وتدفع وتشفي المرض وتردّ الغائب إذا نذر لها، وهذا شرك ومحادة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم" (٢).

• وجاء في فتاوى الفقيه العلامة ولي الدين العراقي الشافعي الأشعري (المتوفى: ٨٢٦) أنه سئل عمن يزور الصالحين من الموتى فيقول عند قبر الواحد منهم: يا سيدي فلان أنا مستجير بك، أو متوسل بك أن يحصل لي كذا وكذا، أو أطلب منك أن يحصل لي كذا وكذا، أو يقول: يا رب أسألك بمنزلة هذا الرجل أو بسرّه أو بعمله أن يفعل بي كذا وكذا، هل هذه العبارات حسنة أو غير حسنة أو بعضها حسن وبعضها قبيح؟ ... إلخ السؤال.

فأجاب بما نصه: "زيارة الرجال للقبور مندوب إليها، فقبور الصالحين آكد في الاستحباب ... ولا امتناع في التوسل بالصالحين، فإنه ورد التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وبصلحاء أمته حظٌ مما لم يعد من خصائصه ...

وأما قوله: "أنا أطلب منك أن يحصل لي كذا وكذا فأمرٌ مُنْكَرٌ؛ فالطلب إنما هو من الله تعالى" (٣).

• وقال العلامة تقي الدين المقريزي الشافعي (المتوفى: ٨٤٥): "وشرك الأمم كله نوعان: شرك في الإلهيّة، وشرك في الربوبيّة:

فالشرك في الإلهيّة والعبادة: هو الغالب على أهل الإشراك، وهو شرك عبّاد الأصنام، وعبّاد الملائكة، وعبّاد الجّن، وعبّاد المشايخ والصالحين الأحياء والأموات، الذين قالوا: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}، ويشفعوا لنا عنده، وينالنا بسبب قربهم من الله وكرامته لهم قرب وكرامة، كما هو المعهود في الدنيا من حصول الكرامة والزلفى لمن يخدم أعوان الملك وأقاربه وخاصته.

والكتب الإلهيّة كلها من أولها إلى آخرها تبطل هذا المذهب وتردّه، وتقبّح أهله، وتنص على أنهم أعداء الله تعالى، وجميع الرسل صلوات الله عليهم متفقون على ذلك، من أولهم إلى آخرهم، وما أهلك الله تعالى مَن أهلك من الأمم إلاّ بسبب هذا الشرك، ومن أجله" (٤).


(١) جامع العلوم والحكم (١/ ٤٨١) مؤسسة الرسالة - بيروت.
(٢) تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين (ص:٥٢٢) دار الكتب العلمية.
(٣) فتاوى ولي الدين العراقي (ص:١٦٦) ط/ دار الفتح.
(٤) تجريد التوحيد المفيد (ص: ١٤) ط/الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.

<<  <   >  >>