للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم يجوز أن يرجع هذا إلى المعبودين مما يعقل، كالملائكة والجن والأنبياء والشياطين، أي يجحدون أن يكون ما فعلتموه حقا، وأنهم أمروكم بعبادتهم، كما أخبر عن عيسى بقوله: {مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} ويجوز أن يندرج فيه الاصنام أيضا، أي يحييها الله حتى تخبر أنها ليست أهلا للعبادة" (١).

• وقال العلامة أبو عبد الله الرازي الحنفي (المتوفى: ٦٦٦): "ويحرم قوله في الدعاء: أسألك بمقعد العز من عرشك، وبحق العز من عرشك، وبحق فلان وبحق النبي صلى الله عليه وسلم" (٢).

• وقال الإمام النووي (المتوفى: ٦٧٦): "وقوله صلى الله عليه وسلم «إذا سألت فاسأل الله» إشارة إلى أنّ العبد لا ينبغي أن يعلق سرّه بغير الله، بل يتوكل عليه في سائر أموره، ثم إن كانت الحاجة التي يسألها لم تجر العادة بجريانها على أيدي خلقه كطلب الهداية والعلم والفهم في القرآن والسنة وشفاء المرض وحصول العافية من بلاء الدنيا وعذاب الآخرة، سأل ربه ذلك.

وإن كانت الحاجة التي يسألها جرت العادة أن الله سبحانه وتعالى يجريها على أيدي خلقة، كالحاجات المتعلقة بأصحاب الحرف والصنائع وولاة الأمور، سأل الله تعالى أن يعطف عليه قلوبهم فيقول: اللهم أحنن علينا قلوب عبادك وإمائك وما أشبه ذلك" (٣).

• وقال الإمام القرافي المالكي (المتوفى:٦٨٤) بعد أن ذكر بعض الأدعية التي هي كفر: "فينبغي للسائل أن يحذر هذه الأدعية وما يجري مجراها حذرا شديدا لما تؤدي إليه من سخط الديان والخلود في النيران وحبوط الأعمال وانفساخ الأنكحة واستباحة الأرواح والأموال، وهذا فساد كله يتحصل بدعاء واحد من هذه الأدعية، ولا يرجع إلى الإسلام ولا ترتفع أكثر هذه المفاسد إلا بتجديد الإسلام والنطق بالشهادتين، فإن مات على ذلك كان أمره كما ذكرناه، نسأل الله تعالى العافية من موجبات عقابه، وأصل كل فساد في الدنيا والآخرة إنما هو الجهل فاجتهد في إزالته عنك ما استطعت، كما أنّ أصل كل خير في الدنيا والآخرة إنما هو العلم فاجتهد في تحصيله ما استطعت، والله تعالى هو المعين على الخير كله" (٤).

• وقال القاضي ناصر الدين البيضاوي (المتوفى: ٦٨٥): "إنما حكم بأن الدعاء هو العبادة الحقيقية التي تستأهل أن تسمَّى عبادة من حيث إنه يدل على أن فاعله مقبل بوجهه إلى الله، معرض عما سواه لا يرجو ولا يخاف إلا منه" (٥).


(١) المصدر السابق (١٤/ ٣٣٦).
(٢) تحفة الملوك (ص: ٢٣٦ - ٢٣٧) دار البشائر الإسلامية - بيروت.
(٣) شرح الأربعين النووية (ص: ٦٣) مكتبة دار الفتح بدمشق.
(٤) الفروق (٤/ ٢٦٥) عالم الكتب.
(٥) فيض القدير للمناوي (٣/ ٥٤٠) المكتبة التجارية الكبرى - مصر.

<<  <   >  >>