للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

• وقال عضد الدين الإيجي (المتوفى: ٧٥٦): "وقد مرّ أنه يمكن إثبات الوحدانية بالدلائل النقلية لعدم توقف صحتها على التوحيد. واعلم أنه لا مخالف في هذه المسألة إلا الثنوية دون الوثنية، فإنهم [أي: الوثنية] لا يقولون بوجود إلهين واجبي الوجود، ولا يصفون الأوثان بصفات الإلهية وإن أطلقوا عليها اسم الآلهة، بل اتخذوها على أنها تماثيل الأنبياء أو الزهاد أو الملائكة أو الكواكب، واشتغلوا بتعظيمها على وجه العبادة توصلاً بها إلى ما هو إله حقيقة" (١).

• وأورد الحافظ ابن كثير (المتوفى: ٧٧٤) ترجمة السيدة نفيسة بنت الحسن بن زيد القرشية الهاشمية في حوادث سنة (٢٠٨ هـ)، ونقل عن ابن خلِّكان أنَّه قال: "ولأهل مصر فيها اعتقاد"، ثم قال:

"قلت: وإلى الآن قد بالغ العامة في اعتقادهم فيها وفي غيرها كثيرا جدا، ولا سيما عوام مصر، فإنهم يُطلقون فيها عبارات بشيعة مجازفة تؤدي إلى الكفر والشرك، وألفاظًا كثيرة ينبغي أن يعرفوا أنه لا تجوز، ...

والذي ينبغي أن يعتقد فيها ما يليق بمثلها من النساء الصالحات، وأصل عبادة الأصنام من المغالاة في القبور وأصحابها، وقد أمر النبي صلى الله عليه و سلم بتسوية القبور وطمسها، والمغالاة في البشر حرام، ومن زعم أنها تفك من الخشب، أو أنها تنفع أو تضر بغير مشيئة الله فهو مشرك" (٢).

وذكر عند تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً} قصةً ذكر فيها أنّ ذئباً جاء فأخذ حَمَلا (٣) من الغنم، فوثب الراعي فقال: يا عامر الوادي، جارك. فنادى مناد لا نراه، يقول: يا سرحان، أرسله. فأتى الحَمَل يشتد حتى دخل في الغنم لم تصبه كدمة. ثم قال: "وقد يكون هذا الذئب الذي أخذ الحَمَل -وهو ولد الشاة- كان جنيًا حتى يرهب الإنسي ويخاف منه، ثم ردّه عليه لما استجار به، ليضلّه ويهينه، ويخرجه عن دينه. والله أعلم" (٤).


(١) المواقف (٣/ ٦٤) دار الجيل - بيروت - لبنان.
(٢) البداية والنهاية (١٠/ ٢٦٢ - ٢٦٣) مكتبة المعارف - بيروت.
(٣) الحَمَل: الجذع من أولاد الضأن فما دونه.
(٤) تفسير القرآن العظيم (٨/ ٢٤٠) دار طيبة.

<<  <   >  >>