للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أيضًا بعد أن ذكر قوله تعالى {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ}: "فمن اجتنب عن عبادة الأحجار والخشب، وابتلي في عبادة القبور فهو منكر هذه الآية، وداخل في حكم المشركين، فعُلم من جميع هذا التفصيل: أن بين المشركين السابقين وبين عابدي القبور في هذا الزمان أو غيره ليس فرق ما، بل فصلنا في هذا الباب تفصيلًا طويلًا، ليوازي كل عابد قبر نفسَه بالمشركين السابقين، ويظهر له باليقين: أن عبادة القبور أيضًا شرك وضلال، فلا يغتر هؤلاء الجهلة بأنا مؤمنون وموحدون، بل صدق عليهم قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} " (١).

وقال أيضًا: "فلا يخفى على من تدبر وتفكر أن الناس اليوم أعظم شركا من المشركين السابقين؛ لأنهم كانوا يدعون في الشدائد الإله الحق، وأهل هذا الزمان يدعون في البليات الأولياء، ويقول أهل ناحيتنا: "يا بير بابا، أدركني ويقول بعضهم: "يا بهاء الحق، ادفع السفينة وأخرجها"، ومثل هذا، فما هذا إلا شرك أعظم" (٢).

وقال أيضًا: "اعلم أنّ الشرك في التفصيل له أنواع كثيرة؛ لأن الإشراك بالله تعالى في كل صفة مختصة به تعالى نوع من الشرك، وكذا الإشراك في كل حق من حقوقه تعالى نوع مستقل، والصفات والحقوق الإلهية كثيرة، فالأنواع للشرك بجنبها كثيرة، لكنها في الأصل ترجع إلى نوعين: شرك اعتقادي، وشرك فعلي.

والأول على أربعة أقسام: الشرك في العلم، والشرك في التصرف والاختيار، والشرك في الدعاء، يعني النداء والاستغاثة، والشرك في العبادة" (٣).

• وقال العلامة أبو بكر بن محمد الحنبلي المصري (ولد عام ١٣٨٠ هـ): "الشرك الأكبر وهو النوع الذي يوجب الخلود في النار، والخروج عن ملة الإسلام، ومنه أنواع ستة سنطرحها فيما يلي إن شاء الله:

١ - شرك الدعاء: وهو دعاء غير الله من الأنبياء والأولياء والصالحين لطلب الرزق أو شفاء مرض أو غير ذلك لقوله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لَا يَنفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِّنَ الظَّالِمِينَ} ... " (٤).


(١) المصدر السابق (ص: ١٠٣).
(٢) المصدر السابق (ص: ١٠٣).
(٣) تنشيط الأذهان في أصول تفسير القرآن (ص: ٢٤) ط/الحجرية بلاهور.
(٤) العقيدة في صفحات (ص: ٤٠).

<<  <   >  >>