للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أثنى الله جل وعلا على نبيه صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالتجائهم إليه وقت الكرب يوم بدر في قوله: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} , فنبينا صلى الله عليه وسلم كان هو وأصحابه إذا أصابهم أمر أو كرب التجؤوا إلى الله وأخلصوا له الدعاء. فعلينا أن نتبع ولا نبتدع" (١).

• وقال العلامة حسن مأمون مفتي الديار المصرية (المتوفى: ١٣٩٣): "أصل الدعوة الإسلامية يقوم على التوحيد، والإسلام يحارب جاهداً كل ما يقرب الإنسان من مزالق الشرك بالله، ولا شك أن التوسل بالأضرحة والموتى أحد هذه المزالق، وهي رواسب جاهلية، فلو نظرنا إلى ما قاله المشركون عندما نعي عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم عبادتهم للأصنام قالوا له: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} فهي نفس التي يسوقها اليوم الداعون للتوسل بالأولياء لقضاء حاجة عند الله أو التقرب منه.

ومن مظاهر هذه الزيارات أفعال تتنافى مع عبادات إسلامية ثابتة، فالطواف في الإسلام والتقبيل في الإسلام لم يسن إلا للحجر الأسود، وحتى الحجر الأسود قال فيه عمر وهو يقبّله: «والله لولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما فعلت»، فتقبيل الأعتاب أو نحاس الضريح أو أي مكان به حرام قطعاً.

وتأتي بعد ذلك الشفاعة وهذه هي في الآخرة ... غير أن الله سبحانه وتعالى قد حدد طريق الشفاعة في الآخرة، فهذه الشفاعة لن تكون إلا لمن يرتضي الله أن يشفعوا، ولأشخاص يستحقون هذه الشفاعة، وهؤلاء أيضاً يحددهم إذن فكل هذا متعلق بإذن الله وحكمه، فإذا نحن سبقنا هذا الحكم بطلب الشفاعة من أي كان، فإن هذا عبث لأننا نستطيع أن نعرف من سيأذن الله لهم بالشفاعة ومن يشفع لهم.

وعلى ذلك يتضح أنّ كل زيارة للأضرحة - غير الشرعية - والطواف حولها وتقبيل المقصورة والأعتاب والتوسل بالأولياء وطلب الشفاعة منهم كل هذا حرام قطعاً ومناف للشريعة، أو فيه إشراك بالله" (٢).

• وقال العلامة محمد كنون المذكوري مفتي رابطة علماء المغرب (المتوفى: ١٣٩٨) في جوابه عن حكم الاستسقاء كل عام في موعد محدد عند ضريح ولي مع حفلة يسمونها الصدقة: "فقيسوا أعمالكم يا من يقيمون الحفلات عند قبور الأموات التي تذكّر الآخرة لا أفراح الدنيا، على أعمال رسولكم صلى الله عليه وسلم، وأعمال خلفائه الراشدين، والصحابة المهتدين، فحينئذ يظهر أنكم تطلبون القحط لا القطر، حيث تركتم التوجه إلى ربكم الحي الدائم بالخضوع والخشوع، والاستغفار والخنوع إلى قبرٍ الله أعلم بحال صاحبه، غافلين عن قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنظِرُونِ إِنَّ وَلِيِّيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ} " (٣).


(١) المصدر السابق (٧/ ٤٠٦ - ٤١٠).
(٢) هذه الفتوى نشرتها مجلة الإذاعة المصرية في ٧/ ٣/١٩٥٧ م.
(٣) علماء المغرب ومقاومتهم للبدع والتصوف والقبورية (ص: ١١٣) الناشر: جريدة السبيل.

<<  <   >  >>