للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• فتوى العلامة عبد الله بن محفوظ الحداد رئيس المجلس العالي للقضاء بالمكلا في أيام الدولة القعيطية (المتوفى: ١٤١٧) عما سأله بعض أهالي تريم عن الاستغاثة بالأموات، وما حكم تلفظ القائل عند حدوث مكروه، مثل سقوط طفل: يا الله يا شيخ سعيد، أو يالله يا محضار، وأحيانا يقول: يا محضار احضر ... إلخ.

فأجاب: الحمد لله، والصلاة والسلام على سدنا محمد، إنّ مثل هذه العبارات من العبارات الشركية التي يجب على المسلم أن يتنزه عنها، فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمن قال: ما شاء الله وشئت: «أجعلتني لله نداً»، وهذه الاستغاثات ممنوعة؛ لأنها موهمة وتؤدي إلى خلل في العقيد، خصوصا من العامي الذي يعتقد أن لهؤلاء الأولياء تصرفاً، وأنهم يحضرون عند الاستغاثة بهم، وإنما يستغاث بالله جل جلاله، لا بغيره من الملائكة أو الرسل أو الأولياء والصالحين، فكلٌ مما يجب منعه ومحاربته.

ومع الأسف فإنّ هذه الألفاظ يكررها العوام، والعلماء يسمعونهم فلا ينهونهم ولا ينبهونهم على خطرها لأنها تتصل بالعقيدة، فالله هو النافع الضار المحيي المميت مالك الملك لا شريك له، ليس لأحد معه شرك ولا تصرف - ثم ذكر فتوى العلامة الكردي (المتوفى: ١١٩٤) السابقة من كتاب بغية المسترشدين، ثم قال-:

"قلت: فإن قوله: "الظاهر عدم كفره" (١) أنّ ذلك حرام، لأنه يؤدي إلى الكفر، خصوصاً من العوام الذين أصبحوا يعلنون مثل ذلك في كلامهم وحتى عند الجنائز- فأهل السوق يقولون: يا محضار، وأهل النويدرة يقولون: يا شهاب الدين -

وهذا إن لم يكن كفراً صريحاً فهو قريب منه، ويجب على العلماء التنبيه عليه، والتحذير منه، ومنع إعلانه في المجتمعات كالجنائز ونحوها من الحريق وغيره، وليأخذوا بالسبيل القويم الأسلم.

وإذا كنا نعذر بعض العلماء مما ورد في أشعارهم لأنهم علماء يعلمون ما يقولون، فإذا نادى ميتًا فإنما لأجل مدحه لا للاستغاثة به، وإن كان فيه استغاثة حملناه على المحمل السليم لعلمه، أما أن نترك العامة يأخذون الألفاظ ويعلنونها كأنها من الأذكار، فهذا ما لا يجوز قطعاً، والساكت عن الحق شيطان أخرس. والله المستعان" (٢).وقال أيضًا: "إن المتوسِّل متوجِّه بطلبه إلى الله، وذكر المتوسَّل به على سبيل التحبب.

وأما الاستغاثة فيمكن اعتبارها توسلاً ظنياً لمن يفهم وينوي طلب الدعاء، وإلاّ فإنها ممنوعة، وبالذات للعوام الذين قد يعتقدون في المستغاث به القدرة على تحقيقها استقلالاً، ولهذا فهي محرمة على العوام وعلى إظهارها الفتوى بها، ونعذر العلماء الذين جاءت في أشعارهم لعلمنا بصحة عقيدتهم وأنهم إنما يقصدون التوسل بالمستغاث به وطلب دعائه" (٣).


(١) في فتاوى العلامة الكردي كما تقدم بلفظ "فالذي يظهر عدم كفره، وإن كان هذا اللفظ قبيحاً يتبادر منه الكفر"، ولكن العلامة المشهور اختصر ذلك في بغية المسترشدين فقال: "فالظاهر عدم كفره".
(٢) هذه الفتوى صدرت بخط الشيخ وتوقيعه وختمه، ثم طبعت ووزعت في حياته.
(٣) هذه الفتوى بتاريخ: ١٢ صفر/ ١٤١٦ هـ.

<<  <   >  >>