للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• وقال العلامة علي سالم سعيد بُكيِّر (وُلد عام ١٣٦١) في رسالته إرشاد المتأمل إلى الفرق بين الاستغاثة والتوسل: "وأما الاستغاثة التي هي نداء العبد غير الله لطلب الغوث منه فيما لا يقدر عليه، أو اتخاذ العبد بينه وبين الله وسائط فهذا لم يقل به كردي (١) ولا نجدي، فضلاً عن الاستغاثة التي هي دعاء المستغاث به استقلالا.

ومن قال بجوازه فهو جاهل لم يعرف حقيقة الدين ولا حقيقة التوحيد، وليس هو من أهل العلم في عير ولا نفير، وقد التبس عليه الأمر فلم يعرف الحق لأنه معرض عنه، وليس قوله ولا فعله حجة على الدين، بل هو مردود عليه محجوج به، لأنه ينافي معنى التوحيد، ويصادم معنى (لا إله إلا الله).

وهذا هو نفسه ما وقع فيه مشركو قريش عندما دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من أول يوم إلى توحيد الله وإفراده بالعبادة، وترك من سواه، فأعرضوا وقالوا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ}.

وهنا يجب علينا أن نذكر قبل كل شيء أن هذه القضية قد بين حكمها القرآن قبل أن يفرض الصلاة والزكاة والحج والصيام والجهاد، لأنها أصل الدين، وأساسه المتين، ومن لم يقتنع بالقرآن ولم يهتد به فليس له من هاد {مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً} " (٢).

• وقال العلامة عبد السلام الرستمي الملقب عند الحنفية المعاصرة بشيخ القرآن والحديث بعد أن ذكر تعريف العبادة، وأنها عبارة عن الاعتقاد والشعور بأن للمعبود سلطة غيبية في العلم والتصرف فوق الأسباب، يقدر بها على النفع والضر، فكل دعاء وثناء وتعظيم ينشأ من هذا الاعتقاد: فهو عبادة.

ثم قال: "وهذا التعريف جامع لجميع أفراد العبادات: من الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والذكر، والنذر، والثناء، والدعاء، والعبادات القولية، والبدنية، والمالية جميعًا، فكل من يعبد عبادة، ويعتقد أن للمعبود علي [لعل الصواب: عليه] علمًا بجميع الحالات، وتصرفًا في كل حال. فإن كان يعبد الله فهو عبادة الله، وإن كان يعبد لغير الله بهذا الاعتقاد فهو شرك وعبادة غير الله تعالى" (٣).


(١) يشير الشيخ إلى فتوى العلامة الكردي السابقة.
(٢) النفحة السنية من البلاد الحضرمية (ص: ٢٦) مطبعة وحدين المكلا- حضرموت.
(٣) التبيان في تفسير أم القرآن (ص: ٨١).

<<  <   >  >>