للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

• وقال الشيخ زكريا الأنصاري (المتوفى: ٩٢٦) عند قوله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ والْأَرضِ ... إلى قوله: فسَيَقُولُونَ اللَّهُ}:

"إن قلتَ: هذا يدل على أنّهم معترفون بأنَّ الله هو الخالقُ، الرازقُ، المدبِّرُ، فكيفَ عبدوا الأصنام؟!

قلت: كلُّهُم كانوا يعتقدون بعبادتهم الأصنامَ، عبادةَ اللَّهِ تعالى، والتقرُّبَ إليه، لكنْ بطرقٍ مختلفةٍ. ففرقةٌ قالت: ليستْ لنا أهليَّةٌ لعبادةِ اللَّهِ تعالى، بلا واسطة لعظمتِهِ، فعبدْنَاها لتقرِّبنا إليه تعالى، كما قال حكايةً عنهم {مَا نَعْبُدُهمْ إِلَاّ ليُقَرِّبونَا إلَى اللَّهِ زُلْفَى}. وفرقةٌ قالت: الملائكة ذَوُو جاهٍ ومنزلةٍ عند الله، فاتَّخذنا أصناماً على هيئة الملائكة، ليقرِّبونا إلى اللَّهِ" (١).

• وقال محيي الدين شيخ زاده (المتوفى: ٩٥١): "مَن يعبد هذه الأحجار المنحوتة في هذه الساعة لا يعبدها على اعتقاد أنّ لها تأثيرًا وتدبيًرا في انتظام أحوال هذا العالم السفلي؛ فإن بطلان ذلك معلوم ببديهة العقل، وما عُلم بطلانه ببديهة العقل لا يذهب إلى صحته الجم الغفير والقوم الكثير، فلا بد أن يكون لهم في عبادتها منشأ غلط ... " (٢).

• وقال العلامة ابن نجيم الحنفي (المتوفى: ٩٧٠): "وفي البزازية: قال علماؤنا: من قال: أرواح المشايخ حاضرة تعلم يكفر" (٣).

• وقال الإمام تقي الدين محمد بن بير علي البركوي الرومي الحنفي (المتوفى:٩٨١): "وأمّا الزيارة البدعية: فزيارة القبور لأجل الصلاة عندها، والطواف بها، وتقبيلها، واستلامها، وتعفير الخدود عليها، وأخذ ترابها، ودعاء أصحابها، والاستعانة بهم، وسؤالهم النصر، والرزق والعافية، والولد، وقضاء الديون، وتفريج الكربات، وإغاثة اللهفان، وغير ذلك من الحاجات التي كان عبّاد الأوثان يسألونها من أوثانهم، فليس شيئا من ذلك مشروعا باتفاق أئمة الدين؛ إذ لم يفعله

رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أحد من الصحابة، والتابعين، وسائر أئمة الدين، بل أصل هذه الزيارة البدعية الشركية مأخوذة عن عبّاد الأصنام" (٤).

وقال أيضًا في سبب تأليفه لكتاب زيارة القبور: "لأنّ كثيراً من الناس في هذا الزمان جعلوا بعض القبور كالأوثان، يصلون عندها ويذبحون القربان ويصدر منهم أفعال وأقوال لا تليق بأهل الإيمان، فأردت أن أبين لهم ما ورد به الشرع في هذا الشأن، حتى يتميز الحق من الباطل عند من يريد تصحيح الإيمان والخلاص من كيد الشيطان، والنجاة من عذاب النيران، والدخول في دار الجنان. والله الهادي وعليه التكلان.


(١) فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن (١/ ٢٤٦) دار القرآن الكريم - بيروت.
(٢) حاشية الشيخ محيي الدين شيخ زاده على تفسير البيضاوي (٤/ ٧٨).
(٣) البحر الرائق (٥/ ١٣٤).
(٤) زيارة القبور الشرعية والشركية (ص: ٣٣) ط/ الرئاسة العامة للبحوث العامة والإفتاء، ١٤٣٣ هـ.

<<  <   >  >>