للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهل تعلمون أنّ النبي صلى الله عليه وسلم حينما نهى عن إقامة الصور والتماثيل نهى عنها عبثًا ولعبًا أم مخافة أن تُعيد للمسلمين جاهليتهم الأولى؟!

وأي فرق بين الصور والتماثيل وبين الأضرحة والقبور ما دام كل منها يجر إلى الشرك, ويفسد عقيدة التوحيد؟!

والله ما جهلتم شيئًا من هذا ولكنكم آثرتم الدنيا على الآخرة, فعاقبكم الله على ذلك بسلب نعمتكم، وانتقاض أمركم، وسلط عليكم أعداءكم يسلبون أوطانكم، ويستعبدون رقابكم، ويخربون دياركم، والله شديد العقاب" (١).

• وسئل العلامة عبد القادر بن أحمد بن بدران الدمشقي (المتوفى: ١٣٤٦) عمن يقف عند قبر صالح ويقول: يا سيدي فلان أغثني. فرّج كربي. اشف ولدي. مدد يا سيدي.

أهذا دعاء شرعه الله وعمِل به أصحاب رسول الله، أم هو شيء لم يشرعه؟ وإذا لم يكن مشروعًا أهو كفر أم محرّم أم مباح؟

فأجاب بما نصّه: "إن كان ذلك القائل يعتقد أنّ سيده فلان هو الذي يغيثه ويفرّج كربه ويشفي ولده ويمدّه بالمدد من عنده فقد كفر باتفاق المؤمنين العارفين بشرع سيد المرسلين إلا عند من هو على شاكلة ذلك القائل ممن يجعل ما سوّله الشيطان دينًا فاتخذ له أربابًا يعبدهم من دون الله مقلدا قول القائل: "اعل هبل".

فليس غياث المستغيثين ومفرّج الكروب والشافي من الأسقام والأمراض وممدّ العوالم كلها إلا الله وحده لا شريك له في أفعاله وفي ذاته وفي صفاته، فمن وصف مخلوقًا ونسب إليه شيئا من أفعال الربوبية وصفاتها فقد جعل لله شريكًا، وكان سبيله سبيل المشركين الذين كانوا يقولون في التلبية: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك.

وإن كان قصده مجرد الدعاء فذلك غير جائز، وتلك الفرقة أصعب شيء إرجاعها إلى الحق، وإذا خاطبت أحدًا منهم تأول وتمحل وأرغى وأزبد ورمى الناصح بكل نقيصة زورًا وبهتانًا {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا} " (٢).


(١) المصدر السابق (١٩ - ٢١).
(٢) المواهب الربانية في الأجوبة عن الأسئلة القازانية (ص: ٢٤٠ - ٢٤١) ط/المكتب الإسلامي.

<<  <   >  >>