للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• وقال العلامة محمد المكي الناصري (المتوفى: ١٤١٤): "مع أن الميت قد انقطع عمله، ولا يملك لنفسه نفعا ولا ضرًا، فكيف لمن استغاث به أو سأله قضاء حاجته أو سأله أن يشفع له إلى الله فيها، فإن الله تعالى لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه، واستعانة ذلك الميت وسؤاله لم يجعلهما سبحانه سببًا لإذنه، وإنما السبب في إذنه كمال التوحيد، فجاء هذا بسبب يمنع الإذن، وهو بمنزلة من استعان في حاجته بما يمنع حصولها، على أن الميت محتاج إلى من يدعو له ويترحم عليه ويستغفر له، كما أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم إذا زرنا قبور المسلمين أن نترحم عليهم، ونسأل لهم العافية والمغفرة، فعكس أولئك القبوريون هذا وزاروهم زيارة العبادة لقضاء الحوائج والاستعانة بهم، وجعلوا قبورهم قريبة من أن تصير أوثانًا تعبد، وقد شاع هذا بين المسلمين وذاع، وعم كل ما يستوطنون من البقاع" (١).

• وقال العلامة المباركفوري (المتوفى: ١٤١٤) بعد ذكر حديث الأعمى: "وفيه إنّ إحضاره في القلب وتصوّره في أثناء الدعاء والخطاب معه فيه جائز، كإحضاره في أثناء التشهد في الصلاة والخطاب فيه وسيأتي الكلام فيه.

وفيه قصر السؤال الذي هو أصل الدعاء على الملك المتعال، ولكنه توسل به عليه الصلاة والسلام، أي بدعائه كما قال عمر: كنا نتوسل إليك بنبيك عليه الصلاة والسلام، فلفظ التوسل والتوجه في الحديثين بمعنى واحد، ولذا قال في آخره «اللهم فشفّعه فيّ» إذ شفاعته لا تكون إلا بدعاء ربه قطعًا، ولو كان المراد بذاته الشريفة لم يكن لذلك التعقيب معنى، إذ التوسل بقوله «بنبيك» كاف في إفادة هذا المعنى.

وأيضًا قول الأعمى للنبي صلى الله عليه وسلم «ادع الله تعالى أن يعافيني» وجوابه عليه الصلاة والسلام له «إن شئت دعوتُ وإن شئت صبرت فهو خير لك» وقول الأعمى «فادعه» دليل واضح وبرهان راجح على أن التوسل كان بدعائه لا بنفس ذاته المطهرة عليه الصلاة والسلام" (٢).

• وقال العلامة نقيب أحمد الرباطي الملقب عند الحنفية المعاصرة بجامع المعقول والمنقول: "التوسل الغير الشرعي على أنحاء سبعة حسبما وقع عليه عمل كثير من الناس المفتونين بالقبور والمشاهد:


(١) إظهار الحقيقة وعلاج الخليقة (ص: ١٧٦) الطبعة/ الأولى، ١٤١٣ هـ.
(٢) مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (٨/ ٢٦٣ - ٢٦٤).

<<  <   >  >>