للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

• وقال الإمام البغوي (المتوفى: ٥١٠، أو ٥١٦ هـ) عند تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَاّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى): "قال قتادة: وذلك إنهم كانوا إذا قيل لهم: من ربكم؟ ومن خلقكم؟ ومن خلق السموات والأرض؟ قالوا: الله، فيقال لهم: فما معنى عبادتكم الأوثان؟ قالوا: ليقربونا إلى الله زلفى، أي قربى، وهو اسم أقيم في مقام المصدر، كأنّه قال: إلا ليقربونا إلى الله تقريبا ويشفعوا لنا عند الله" (١).

وقال أيضًا عند شرحه لحديث «أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق»: "وفي هذا الحديث وفي أمثاله مما جاء فيه الاستعاذة بكلمات الله دليل على أن كلام الله غير مخلوق، لأن النبي صلى الله عليه وسلم استعاذ به كما استعاذ بالله، ... ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بمخلوق من مخلوق" (٢).

وقال أيضًا عند تفسير قوله تعالى {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}: "فكان من إيمانهم إذا سئلوا: من خلق السموات والأرض؟ قالوا: الله، وإذا قيل لهم: من ينزل القطر؟ قالوا: الله، ثم مع ذلك يعبدون الأصنام ويشركون ...

وقال عطاء: هذا في الدعاء، وذلك أنّ الكفار نسوا ربهم في الرخاء، فإذا أصابهم البلاء أخلصوا في الدعاء" (٣).

• وقال ابن عقيل إمام الحنابلة ببغداد في زمنه (المتوفى:٥١٣): "لما صعبت التكاليف على الجهال والطغام عدلوا عن أوضاع الشرع إلى تعظيم أوضاع وضعوها لأنفسهم فسهلت عليهم؛ إذ لم يدخلوا بها تحت أمر غيرهم. قال: وهم كفار عندي بهذه الأوضاع مثل تعظيم القبور وإكرامها بما نهى الشرع عنه من إيقاد النيران وتقبيلها وتخليقها، وخطاب الموتى بالحوائج وكتب الرقاع فيها: يا مولاي افعل بي كذا وكذا، وأخذ التراب تبركا وإفاضة الطيب على القبور، وشد الرحال اليها وإلقاء الخرق على الشجر اقتداء بمن عبد اللات والعزى، ولا تجد في هؤلاء من يحقق مسألة في زكاة فيسأل عن حكم يلزمه، والويل عندهم لمن لم يقبِّل مشهد الكهف ولم يتمسح بآجرة مسجد المأمونية يوم الأربعاء ... " (٤).

وقال أيضًا: "قد سمعنا منهم أن الدعاء عند حدو الحادي وعند حضور المخدّة مجاب، وذلك أنهم يعتقدون أنه قربة يتقرب بها إلى الله تعالى، قال: وهذا كفر؛ لأن من اعتقد الحرام أو المكروه قربة كان بهذا الاعتقاد كافراً، قال: والناس بين تحريمه وكراهيته" (٥).


(١) معالم التنزيل (٤/ ٧٩) دار إحياء التراث العربي - بيروت.
(٢) شرح السنة (١/ ١٨٥) المكتب الإسلامي - دمشق - بيروت.
(٣) معالم التنزيل (٢/ ٥١٧).
(٤) تلبيس إبليس لابن الجوزي (ص: ٣٥٤) دار الفكر - بيروت، إغاثة اللهفان (١/ ١٩٥) دار المعرفة - بيروت.
(٥) تلبيس إبليس (ص: ٣٠٦).

<<  <   >  >>