للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• وقال القاضي العلامة عبد الله بن عوض بكير رئيس القضاء الشرعي للدولة القعيطية بحضرموت (المتوفى: ١٣٩٩): "ويجب على المسلم أن لا يسأل إلا الله، وأن لا يدعو إلا الله ... فلا يجوز الركون إلى غير الله، ولا يجوز التعويل على غيره تعالى في شيء من الأمور الدنيوية والأخروية، ومن ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم موصيًا ابن عباس وهو بعموم اللفظ لا بخصوص السبب: «إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله»، أي: إذا أردت سؤال شيء فاسأل الله أن يعطيك إياه، وإذا أردت الإعانة على شيء فاسأل الله أن يعينك عليه قال تعالى: {وَاسْأَلُوا اللّهَ مِن فَضْلِهِ} " (١).

وقال أيضًا: "فلا يجوز لأحد أن يعتمد على غير الله، أو يدعو غير الله؛ فإن ذلك قد يجرّ إلى الشرك إذا لم يكن شركًا صريحًا، قال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ} ...

وقد فشت في هذه الأزمنة على ألسنة العامة ونحوهم ألفاظ قبيحة تجر إلى الكفر، بل ربما كانت هي الكفر بعينه، والعياذ بالله، فيجب إرشادهم وتحذيرهم من تلك الألفاظ، فمنها قولهم عند وقوع مكروه بهم أو نحو قيام أو قعود: يا الله ويا الوالدين، يا الله ويا أهل السلف، يا الله ويا أهل باعلوي، يا الله وزيا الشيخ فلان، أو السيد فلان، ونحو ذلك، فظواهر الأدلة تنبئ أنّ هذه الألفاظ شرك والعياذ بالله.

فيجب التحذير من مثل هذه البوائق القادحة في الإيمان، قال تعالى: {لَاّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَّخْذُولاً}، قال بعض المفسرين: الخطاب إما للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد غيره، أو لكل مكلف وهو الأولى.

والمعنى لا تشرك أيها المكلف غير الله مع الله لا في ظاهرك ولا باطنك، بل خلص قلبك من التعلق بغيره والمحبة لسواه، ولا تجعل الغير في خيالك، فإنه نقص عن مراتب الأخيار" (٢).

وقال أيضًا: "ومن بدعهم أنهم إذا أتوا قبر صالح ونحوه ينادونه كنداء الله، فبعضهم يناديه أريد ولدا، وبعضهم يناديه أريد مالا، وبعضهم يطلب منه نصرًا على عدوه، وبعضهم يطلب منه تسهيل طريق السفر، وقبائحهم في هذا كثيرة شهيرة لا تخفى" (٣).

وقال أيضًا: "ومن هذا القبيل دعاء غير الله، أو إشراكه مع الله في الدعاء، فهو من التشبه بالمشركين الذين يدعون آلهتهم من دون الله، بل هذا أقبح في الدين ...

وهذا إذا كان الداعي معتقدًا أنّ النافع الضار المؤثر في الوجود هو الله تعالى، وأما إذا كان معتقدًا أن المخلوق المدعو له تأثير في شيء ما، أو يعتقد فيه نفعاً أو ضرًا فهو مشرك قطعًا" (٤).


(١) تطهير الفؤاد من سيء الاعتقاد (ص: ١٦ - ١٧) دار حضرموت للدراسات والنشر، ٢٠١٠ م.
(٢) المصدر السابق (ص: ٢٠ - ٢١).
(٣) المصدر السابق (ص: ٢٢).
(٤) المصدر السابق (ص: ٣٦).

<<  <   >  >>