للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكن القوم لما عكفوا على التوجه إليها، كان عكوفهم ذلك عبادة، وطلبهم الحوائج منها إثبات إلهية لها. وعن هذا كانوا يقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}، فلو كانوا مقتصرين على صورها في اعتقاد الربوبية والإلهية لما تعدوا عنها إلى رب الأرباب" (١).

• وقال الشيخ العارف عبد القادر الجيلاني (المتوفى:٥٦١) لولده عند مرض موته: "لا تخف أحداً ولا ترجه, وأوكل الحوائج كلها إلى الله, واطلبها منه, ولا تثق بأحد سوى الله عز وجل, ولا تعتمد إلا عليه سبحانه. التوحيد التوحيد التوحيد. وجماع الكل التوحيد" (٢).

وقال أيضًا: "يا من يشكو إلى الخلق مصائبه، إيش ينفعك شكواك إلى الخلق، لا ينفعونك ولا يضرونك، وإذا اعتمدت عليهم وأشركت في باب الحق عز وجل يبعدونك، وفي سخطه يوقعونك، وعنه يحجبونك" (٣).

وقال أيضًا: "لا تدعو مع الله أحد كما قال: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً} ".

وقال أيضًا: "ينبغي لكل مسلم موحّد أن لا يتكل إلا على الله، ولا يستغيث إلا بالله، ولا يعتقد التصرف إلا لله" (٤).

• وقال الفخر الرازي (المتوفى: ٦٠٦) أثناء كلامه عن كيف قال المشركون في الأصنام إنها شفعاؤنا عند الله: "أنهم وضعوا هذه الأصنام والأوثان على صور أنبيائهم وأكابرهم، وزعموا أنهم متى اشتغلوا بعبادة هذه التماثيل، فإن أولئك الأكابر تكون شفعاء لهم عند الله تعالى.

ونظيره في هذا الزمان اشتغال كثير من الخلق بتعظيم قبور الأكابر، على اعتقاد أنهم إذا عظّموا قبورهم فإنهم يكونون شفعاء لهم عند الله" (٥).


(١) الملل والنحل (٣/ ١٠٤ - ١٠٥) مؤسسة الحلبي.
(٢) الفتح الرباني والفيض الرحماني (ص: ٣٧٣) دار الريان للتراث.
(٣) المصدر السابق (١١٧ - ١١٨).
(٤) غاية الأماني في الرد على النبهاني (٢/ ٣٧٦).
(٥) مفاتيح الغيب (١٧/ ٢٢٧) دار إحياء التراث العربي - بيروت.

<<  <   >  >>