للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أيضًا عند شرحه لحديث: «يا غلام احفظ الله يحفظك»: " (وإذا سألت) أي: أردتّ السؤال (فاسأل الله) بإثبات الهمز ويجور نقله. أي: فاسأل الله وحده، فإن خزائن العطايا عنده، ومفاتيح المواهب والمزايا بيده، وكل نعمة أو نقمة دنيوية أو أخروية فإنها تصل إلى العبد أو تندفع عنه برحمته من غير شائبة عرض ولا ضميمة علة; لأنه الجواد المطلق والغني الذي لا يفتقر، فينبغي أن لا يرجى إلا رحمته، ولا يخشى إلا نقمته، ويلتجأ في عظائم المهام إليه، ويعتمد في جمهور الأمور عليه، ولا يسأل غيره; لأن غيره غير قادر على العطاء والمنع ودفع الضر وجلب النفع، فإنهم لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا، ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا، ولا يترك السؤال بلسان الحال أو ببيان المقال في جميع الأحوال، ففي الحديث: «من لم يسأل الله يغضب عليه»، إذ السؤال إظهار شعائر الانكسار، والإقرار بسمت العجز والافتقار، والإفلاس عن ذروة القوة والطاقة إلى حضيض الاستكانة والفاقة، ونعم ما قيل:

الله يغضب إن تركت سؤاله ... وبني آدم حين يسأل يغضب

(وإذا استعنت) أي: أردت الاستعانة في الطاعة وغيرها من أمور الدنيا والآخرة (فاستعن بالله) فإنه المستعان وعليه التكلان في كل زمان ومكان" (١).

• وقال العلامة أحمد بن عبد الأحد السرهندي، رئيس الطائفة النقشبندية، الملقب عند الحنفية بالإمام الرباني ومجدد الألف الثاني (١٠٣٤ هـ): "التبرِّي من الكفر شرط الإسلام، والاجتناب عن شائبة الشرك توحيد، والاستمداد من الأصنام والطاغوت في دفع الأمراض والأسقام كما هو شائع فيما بين جهلة أهل الإسلام - عين الشرك والضلالة ....

وأكثر النساء مبتليات بهذا الاستمداد الممنوع عنه بواسطة كمال الجهل فيهن، يطلبن دفع البلية من هذه الأسماء الخالية عن المسميات، ومفتونات بأداء مراسم الشرك وأهل الشرك، خصوصًا وقت عروض مرض الجدري ... ، كما أنّ جهله أهل الإسلام خصوصًا طائفة نسائهم - يؤدون رسوم أهل الكفر ... ، وكل ذلك شرك وكفر بدين الإسلام، قال الله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}، وما يفعلونه من ذبح الحيوانات عند قبور المشايخ المنذورة لهم جعله الفقهاء أيضًا في الروايات الفقهية داخلًا في الشرك ... ، ومثل ذلك صيام النساء بنية المشايخ ... ، ويطلبن حوائجهن منهم بواسطة تلك الصيام، ويزعمن قضاء حوائجهن منهم، وهذا الفعل إشراك للغير في عبادة الله تعالى وطلب لقضاء الحوائج من الغير بواسطة العبادة إليه" (٢).


(١) المصدر السابق (٨/ ٣٣٢٣ - ٣٣٢٤).
(٢) المنتخبات من المكتوبات (ص: ٢٢٠).

<<  <   >  >>