للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: (وقد تركتُ التقليد الأعمى الذي أضلَّ كثيرًا من الناس): المؤلف معروفٌ بتحرِّي الدليل في مسائل الأحكام، فهو لا يلتزم بمذهب ولا يتمذهب، فمنهجه منهج أهل الحديث، ولهذا يقول: إني تركت التقليد. وكثيرٌ من المنتسبين إلى المذاهب مقلِّدون للأئمة الذين ينتمون إليهم، والشيخ عنده نزعة عدم المذهبية، وعدم التقليد، والتعويل على الدليل في كل ما يَطرح من المسائل العقدية، والعملية من مسائل الأحكام، ولا شك أنَّ هذا المنهج قيِّم عظيم؛ لأن فيه تجرُّدًا عن التعصب والتبعية، فمنهج المؤلف مبنيٌّ على قاعدة «كلٌّ يؤخذ من قوله ويُرَد إلا الرسول » (١)، وإن كان مَنْ يسلك هذه الطريقة محقًّا؛ فليس المراد أنه يرفض أقوال الأئمة فلا ينظر فيها، ولا ينتفع بأقوالهم واجتهاداتهم، بل المراد ترك التعصب والتقليد مع احترام الأئمة، ومعرفة فضلهم في استنباط الأحكام، والاستفادة من ذلك، وهذا ما أوصى به الأئمة الأربعة وغيرهم بعدم التعصب لأقوالهم (٢)، وأنَّه مَنْ استبانت له السنَّةُ؛ لا يحلُّ له أن يَعدل عنها لقول أحدٍ من الناس (٣)، فالشيخ في هذا المنهج هو في الحقيقة متَّبعٌ للأئمة، عاملٌ بوصاياهم.


(١) جاء بنحوه عن ابن عباس في المعجم الكبير (١١٩٤١)، وعن الحكم بن عُتيبة ومجاهد في جامع بيان العلم (٢/ ٩٢٥)، ونسبةُ هذا إلى الإمام مالك هو المشهور عند المتأخرين، وصححه عنه يوسف بن عبد الهادي في إرشاد السالك إلى مناقب مالك (ص ٤٠٢). ينظر: خطبة الكتاب المؤمَّل للرد إلى الأمر الأوَّل (ص ١٣٦).
(٢) تنظر أقوالهم في: أصل صفة صلاة النبي للألباني (١/ ٢٣).
(٣) يشير شيخنا لقول الشافعي: «أجمع المسلمون على أن مَنْ استبانت له سنةُ رسول الله ؛ لم يكن له أن يَدَعَها لقول أحدٍ من الناس» كما في إعلام الموقعين =

<<  <   >  >>